يا حبذا الدارُ بالرَّوحاءِ من دارِ
وعهد أعصارها من بعد أعصارِ
هاجتْ عليَّ مغانِيها وقد درسَتْ
ما يردَعُ القلبَ من شوقٍ وإذْكارِ
يا صاحِبَيَّ ارْبَعا إنَّ انصرافَكُما
قَبْلَ الوقُوفِ أَراهُ غيرَ إِعذارِ
فعرِّجا ساعة ً نبكي الرُّسوم بها
واسْتخبِرا الدارَ إنْ جادتْ بأخبارِ
وكيفَ تُخْبِرُنا دارٌ مطَّلَة
ٌ قَفْرٌ وهابِي رَمادٍ بينَ أحجارِ
وعَرصَة ٌ من عِراصِ الأرضِ مُوحِشَة ٌ
ما إِنْ بها من أَنيسٍ غيرُ آثارِ
تغدو الرياح وتسري في مغابنها
بمجلبٍ من غريب التُّرب موَّارِ
فلا تزالُ من الأنواءِ صادِقَة ٌ
بحرية ُ الخالِ تعفُوها بأمطارِ
مقيمة لم ترم عهدَ الجميعِ بها
كأنَّما جُعِلتْ بَوّاً لأظارِ
إن تسمي سعدى وقد حلت مودّتها
وأقصرت لانصرفٍ أيَّ إقصارِ
فقدْ غَنِينا زَماناً ودُّنا حَسَنٌ
على معاريضَ من لومٍ وإهجارِ
ومن مقالِ وشاة ٍ حاسدين لها
أَنْ يُدْرِكُوا عندَنا فيها بإكثارِ
كنّا إذا ما زرت في الودِّ نعتبها
وآية الصُّرم ألاّ يعتب الزّاري
إذ لذّة العيش لم تذهب بشاشتها
وإذ بنا عهدُ سلمى غيرُ خَتَّارِ
حتّى متى لا مبين اليأسِ يصرمني
ولا تَقَضَّى من اللذاتِ أَوطارِي
من ضيّع السِّرَّ يماً أو أشاد بهِ
فقد منعتُ من الواشِينَ أَسرارِي
عهدِي بها قُسِمَتْ نِصْفَينِ أَسفَلُها
مثلُ النَّقا من كثيبِ الرَّمْلَة ِ الهارِي
وفوق ذاكَ عَسِيبٌ للوِشاحِ بهِ
مَجْرَى لِكَشْحِ ألُوفِ السِّتْرِ مِعْطارِ
في ميعة ٍ من شبابٍ غربه عجبٌ
لو كان يرجعُ غضّاً بعد إدبارِ
هيهات لا وصل إلا أن تجدِّدهُ
بذات معجمة ٍ مرادة ِ أسفارِ
ملمومة ٍ نُحِتَتْ في حُسْنِ خِلقتِها
وأُجْفِرَتْ في تَمامِ أَيُّ إِجْفارِ
وأُرْغِدَتْ أَشْهُراً بالقُهْبِ أَربعة
ً في سِرِّ مُسْتَأسِدِ القُرْيانِ مِحْبارِ
تَرعَى البِقاعَ وفرعَ الجِزْعِ من مَلَلٍ
مراتع العينِ من نقوى ومن دارِ
في فاخِر النبتِ مَجَّاجِ الثَّرَى مَرحٍ
يخايل الشمسَ أفواجاً بنوَّارِ
قَرَّبْتُها عِرْمِساً لِلرَّحلِ عَرضَتُها
أزواجُ لماعة ِ الفودينِ مقفارِ
فلم تَزلْ تطلبُ الحاجاتِ مُعْرِضَة
ً حتَّى اتَّقَتْني بِمُخٍّ بارِدٍ رارِ
قد غودرت حرجاً لا قيد يمسكها
وصُلْبُها ناحِلٌ مُحدَودبٌ عارِي
وقد برى اللحم عنها فهي قافلة
ٌ كما برى متنَ قدحِ النَّبعة ِ الباري
تهجُّري ورواحي لا يفارقها
رحلٌ وطولُ ادّلاجي ثم إبكاري
هذا وطارقِ ليلٍ جاءَ مُعْتَسِفاً
يَعْشُو إلى منزلِي لمَّا رَأَى نارِي
يَسْرِي وتُخْفِضُهُ أَرْضٌ وترفَعُهُ
في قارسٍ من شفيفِ البردِ مرّارِ
حتّى أتى حين ضمّ اليل جوشنهُ
وقلتُ هل هُوَ منجابٌ بِإسْحارِ
فاستنبحَ الكلبَ منحازاً فقلتُ لهُ
حَيٌّ كِرامٌ وكلبٌ غَيرُ هَرَّارِ
أهلاً بمسراك أقبل غيرَ محتشمٍ
لا يذهبُ النومُ حقَّ الطارق السّاري
هذا لهذا وأنّا حين تنسبنا
من خِنْدفٍ لَسَنامُ المَحْتِدِ الوارِي
تَغْشَى الطِّعانَ بنا جُرْدٌ مُسَوَّمَة
ٌ تؤذي الصَّريخَ بتقريبٍ وإحضارِ
قبلٌ عوابسُ بالفرسان نعرضها
على المَنايا بإقْدامٍ وتَكْرارِ
منَّا الرَّسولُ وأهلُ الفضلِ أفضلهم
منّا وصاحبه الصِّدِّيق في الغارِ
من عدَّ خيراً عددنا فوق عدِّته
من طيبينَ نُسَمِّيهُمْ وأَبرارِ
منّا الخلائفُ والمستمطرون ندى
ً وقادة ُ الناسِ في بَدْوٍ وأَمْصارِ
وكلُّ قرمٍ معديَّ الأرومِ لنا
منهُ المُقَدَّمُ من عِزِّ وأَخْطارِ
كم من رئيسٍ صدَعْنا عظمَ هامَتِهِ
ومن هُمامٍ عليه التاجُ جَبَّارِ
ومن عَدُوِّ صبَحْنا الخيلَ عادِيَة
ً في جحفلٍ مثلِ جوزِ اللّيل جرّارِ
قُوداً مَسانِيفَ ترقَى في أَعِنَّتِها
مُقْوَرَّة ً نَقْعُها يعلو بإعْصارِ
لا يخلُصُ الظَّبْيُ من هَضَّاءِ جمعهِم
ولا يفوتهم بالتّبلِ ذو الثَّارِ
صِيدُ القُروم بنو حربِ قُراسِيَة
ٌ من خِندفٍ لَحصانِ الحِجْرِ مِذْكارِ
عزُّ القديم وأيامُ الحديث لنا
لم نُطْعِم الناسَ منَّا غيرَ أَسآرِ
أَلقَتْ عليَّ بنو بَكْرٍ شَراشِرَها
ومن أديمهمُ ما قدَّ أسياري
قد يشتكيني رجالٌ ما أصابهمُ
منّي أذى ً غيرَ أن أسمعتهم زاري
لا صبرَ للّثعلب الضّبّاحِ ليس لهُ
حرزٌ على عدواتِ المشبلِ الضّاري
لا تَستطيعُ الكُدَى الأثْمارُ راشِحَة
ً مَدَّ البُحُورِ بأَمْواجٍ وَتَيَّارِ

 

المصدر :بوابة الشعراء

من sanaanow

اترك تعليقاً