مع – صنعاء الان https://sanaanow.com تجاري | ترفيهي | عام Wed, 09 Mar 2022 01:18:48 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 «عطر نجيب محفوظ»… حين تتزاوج الفلسفة مع الأدب https://sanaanow.com/%d8%b9%d8%b7%d8%b1-%d9%86%d8%ac%d9%8a%d8%a8-%d9%85%d8%ad%d9%81%d9%88%d8%b8-%d8%ad%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d8%aa%d8%b2%d8%a7%d9%88%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d9%85/ Wed, 09 Mar 2022 01:18:48 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%b9%d8%b7%d8%b1-%d9%86%d8%ac%d9%8a%d8%a8-%d9%85%d8%ad%d9%81%d9%88%d8%b8-%d8%ad%d9%8a%d9%86-%d8%aa%d8%aa%d8%b2%d8%a7%d9%88%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d9%81%d8%a9-%d9%85/ [ad_1]

«عطر نجيب محفوظ»… حين تتزاوج الفلسفة مع الأدب

صلاح عساف يتتبع الأسئلة الوجودية والكونية في أعماله


الأربعاء – 6 شعبان 1443 هـ – 09 مارس 2022 مـ رقم العدد [
15807]


القاهرة: حمدي عابدين

في كتابه «عطر نجيب محفوظ… قطوف من بستان السرد» الذي صدر حديثاً عن دار «أكتب» للنشر والتوزيع بمصر، يقوم الباحث والقاص صلاح عساف برحلة في عقل وروح الأديب المصري صاحب نوبل نجيب محفوظ، يرصد من خلالها الأفكار والقضايا التي انشغل بها عبر مسيرة إبداعه الطويلة الزاخرة بالمباهج والآلام من خلال مقاطع ومقتطفات من أعمال محفوظ، بعضها لم يتجاوز بضع كلمات وامتد البعض الآخر لعدة أسطر، وهناك فقرات طويلة لافتة تشرح وتحلل، وعبارات قصيرة محمّلة بحكمة خاطفة، وجُمل حوارية حافلة بالمفارقة وتعدد وجهات النظر، كتبها محفوظ بصياغة لغوية دقيقة وساحرة، محرضة على التفكير والتأمل، وأجراها على ألسنة بعض أبطاله وشخصيات رواياته وقصصه، كأنها تجسيد لما يدور في خواطرهم وأفكارهم، ما يعكس قدرته الخلاقة على التأثير والحضور وعبور الزمن.
قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة فصول: «الوجود والموت» و«الوصول إلى الله» و«أواصر وعلاقات»، وأشارت المختارات التي انتقاها من أعمال محفوظ إلى قلق الوجود والبحث عن المعنى، والحكمة والعقل والمرض والجنون، وغيرها من الأفكار التي اتخذت مناحي فلسفية، وسعى لإعادة قراءتها بوعي جديد.
أما عن فكرة هذا الكتاب وكيف تبلورت، فيقول عساف «إنه في أثناء قراءة أعمال نجيب محفوظ كان كثيراً ما تستوقفه عبارة أو جملة أو جزء من حوار، فيتأملها مليّاً، ويستغرق في التفكير فيما تطرحه، ويضع عليها علامة ليسهل العودة إليها، وتظل تشغل عقله بكلماتها، ويتذكرها فيما بعد عندما يجد ما يناسبها من مفردات الحياة. وذات يوم وهو يقرأ مجموعة «بيت سيئ السمعة» توقف طويلاً أمام عبارة من قصة «يوم حافل» جاءت على لسان البطل، وقد صدمته بجرأتها، وجعلته يعيد النظر فيما قرأه من قبل لمحفوظ. وكان يضع دائماً علامات وإشارات أمام العبارات والكلمات والجمل الحوارية التي تحمل معنى خاصاً أو دلالة مفارقة، وبدأ العمل بجمعها وإعادة تصنيفها وفقاً لما تشير إليه كل جملة أو عبارة من معنى، وحاول ترتيب المقتطفات والجمل بحيث تنتظم الإشارات التي تحتويها كل عبارة تحت العنوان المناسب لها. وهكذا تجمع لدى عساف العديد من العناوين الفرعية اندرجت داخلها العبارات والمختارات، وانتظمت بدورها تحت عناوين الفصول الثلاثة التي تضمنها الكتاب.
لم يلتزم المؤلف بالترتيب التاريخي للأعمال الإبداعية، فقد تتجاور عبارة من «رادوبيس» مع جملة من «الحرافيش» أو «قشتمر»، وقد يظهر إلى جوارهما حلم من «أحلام فترة النقاهة»، لكنها رغم ذلك تعمل جميعها على إضاءة ظل من ظلال معنى ما أو فكرة. وقد أشار المؤلف إلى مصدر كل عبارة سواء كان من رواية أو قصة، وكتب أسماء الأشخاص الذين جرت على ألسنتهم بعض الحوارات التي وردت في الكتاب، واسم الفصل أو المقطع الذي جاءت منه.
يقول عساف: «إن نجيب محفوظ لديه قدرة دائمة على مسايرة ومراودة الزمن في أحواله وتقلباته، وقد عرفه وأجاد التعامل معه على المستويين الشخصي والإبداعي، وأسهم وهو شاب بنصيبٍ وافر في تأسيس رواية عربية فنية حقيقية، وحين تقدم به العمر طوّر وأبدع أشكالاً جديدة في السرد الروائي والقصصي بنصوصه المدهشة في (أحلام فترة النقاهة)».
وذكر عساف أن الحديث عن الجانب الشخصي لمحفوظ يقود إلى حقيقة مهمة، وهي انعكاس ملامح هذا الجانب على ما أنتج من أدب. فحيرته في مطلع حياته العملية بين الفلسفة والأدب، كشفت الصراع بين عقله وقلبه، وحين حسم اختياره بالاتجاه نحو الأدب لم يطرح الفلسفة جانباً، واستطاع أن يزاوج بينهما فيما أبدع، فتخللت الفلسفة الأدب بشكل واضح، واستطاعت أن تفرض نفسها بصورة سافرة على أعمال عديدة، وأصبح لدينا أدب محفوظي عنوانه «البحث عن الحقيقة»، يحاول الإجابة عن الأسئلة الوجودية والكونية الكبرى، واستنطاق المسكوت عنه داخل النفس الإنسانية، واجتياز المناطق الخطرة في الدين والسياسة والمجتمع.
في الفصل الأول من الكتاب تبرز العبارات والمختارات التي أوردها عساف مثل استمرار الصراع واحتدامه بين «آفاق العقل وساحات اليقين»، فيبدو عدد غير قليل من أبطاله ذوي سمات تراجيدية، كما لو أنهم منذورون لقدر العذاب، مأزومون يفترسهم القلق، لا يكفُّون عن السؤال عن معنى وجودهم في الحياة ومغزى الوجود، يبحثون دوماً عن شيءٍ ما لا يسهل الحصول عليه ويتأملون في ماضيهم وحاضرهم، ويعيدون اكتشاف الأشياء مجدداً كأنما لأول مرة، ويقدمون تعريفات جديدة للقيم والمسلّمات.
وفي الفصل الثاني «الوصول إلى الله» أورد المؤلف الكثير من المقتطفات التي تركز حول الإيمان والحيرة، بعضها جاء على لسان كمال عبد الجواد بطل «الثلاثية» الشهيرة وتجربته المزلزلة في الحب، وانهيار معتقداته الروحية وتحوله إلى المادية، ومنها ما يعبر عن التجربة العقلية والروحية التي عصفت بمحفوظ في مقتبل حياته، وألقت بظلالها على شخصية «عمر الحمزاوي» في «الشحاذ» الذي أصيبت حياته بالشلل الروحي التام لبحثه عن معنى للحياة، وكذلك «عيسى الدباغ» في «السمان والخريف» و«عثمان بيومي» في «حضرة المحترم» الذي يتردد في الزواج ويبحث في الوظيفة عن المجد السماوي.
وتبرز في المختارات أيضاً أسئلة الموت والوجود التي تطرق رأس «جمعة» بطل قصة «موعد» في مجموعة «دنيا الله»، و«عبد الفتاح الدارجي» في قصة «من فضلك وإحسانك» في مجموعة «رأيت فيما يرى النائم»، و«إسماعيل قدري» في «قشتمر»، و«شاذلي محمد إبراهيم» في «حديث الصباح والمساء»، وكلها أصداء لأسئلة الوجود التي ظلت تناوش أديب نوبل.
وضمن المختارات تأتي شذرات ومقاطع كثيرة شحنها محفوظ بنبض الروح المصرية وتحولاتها الاجتماعية والسياسية في مختلف مراحلها، اقتطعها المؤلف من «الثلاثية»، وما تلاها من روايات مثل «السمان والخريف» و«الكرنك» و«يوم قتل الزعيم» و«أمام العرش»، ومنها ما دار حول الكون وأزمته ومصيره واحتدام الصراعات بين أقطاب العالم بما تملك من آيديولوجيات وإمكانات وأدوات تقنية، وقد جاءت بعضها على لسان شخصيات محفوظ النخبوية، وهي تبحث عن وسائل «لإنقاذ العالم من مصيره المحتوم»، مثل «جعفر الراوي» في رواية «قلب الليل»، وغيرها من الشخصيات التي تكشف بمعتقداتها وأفكارها عن شيء من فكر ورؤية نجيب محفوظ حتى ولو جاءت متخفية على لسان شخصياته الروائية.



Art



[ad_2]

Source link

]]>
الذاكرة في صراعها مع يوميات النسيان https://sanaanow.com/%d8%a7%d9%84%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d9%87%d8%a7-%d9%85%d8%b9-%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d9%86/ Sun, 06 Mar 2022 14:50:23 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%a7%d9%84%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%b5%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d9%87%d8%a7-%d9%85%d8%b9-%d9%8a%d9%88%d9%85%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d9%86/ [ad_1]

الذاكرة في صراعها مع يوميات النسيان

«أيام الألزهايمر الأخيرة» للكاتب الإسباني باربا في ترجمة عربية


الأحد – 3 شعبان 1443 هـ – 06 مارس 2022 مـ رقم العدد [
15804]


القاهرة: منى أبو النصر

تبدو الذاكرة وكأنها بطل موازٍ في رواية الكاتب الإسباني أندريس باربا، «أيام الألزهايمر الأخيرة»، حيث تتأرجح ما بين الهشاشة والتحريض المؤرِق لأبطالها، مما يدفعهم لإعادة قراءة تاريخهم الشخصي والعائلي، بشكل أكثر تجريداً.
صدرت الرواية أخيراً عن «منشورات ذات السلاسل»، وترجمها للعربية الكاتب والمترجم المصري أحمد عبد اللطيف الذي كتب في تقديمه لها: «نحن أمام إنيس التي تودع الحياة بذاكرة خربة، هي المحور الذي تلتف حوله ثلاث حكايات: حكاية إنيس وزوجها بابلو، اللذين مرت بهما الحياة دون أن يفكرا إن كانت هذه هي الحياة التي اختاراها بمحض إرادتيهما، وحكاية الابن سانتياجو المنعزل، وأخيراً حكاية الابنة باربرا، الفتاة القبيحة والمضطهدة في البيت، وحياتها الزوجية التي تتقوض وتنهض من جديد».
من خلف ستار الذاكرة التي انسدلت تعيش «إنيس» الزوجة والأم المُسنة مراحلها المتأخرة من مرض الألزهايمر، فيما تجد الأسرة نفسها في مواجهة مع انسلاخ الأم اللاإرادي عن ذاتها، وتفتُت صورتها المتماسكة التي كانت عليها. وعلى مدار أربع سنوات (1999 – 2003)، هي السنوات الأخيرة لمرض «إنيس»، التي لا تصدر منها على مدار الرواية سوى كلمات زهيدة، في مقابل وتيرة التغيّرات الصادمة والسريعة التي تطرأ عليها.
عوالم مُفككة
يرصد السرد تلك المتغيّرات بعيون وألسنة عائلة إنيس، لا سيما زوجها «بابلو»، موظف السكة الحديد المتقاعد، الذي يبدو بعد مرض زوجته، أنه صار يعيش في عالم موازٍ وكأنه في «مونولوج» طويل وممتد متوحد مع صوته الداخلي، الذي صار بديلاً عن الحوار بينه وبين إنيس «الجديدة» بعد مرضها: «بدا لبابلو أن ثمة شيئاً قد تغيّر للأبد في إنيس، شيء لا يمكن استعادته».
تتداخل أصوات أفراد الأسرة الواحدة في تقاطعات السرد الروائي، ويتبادلون الظهور على مدار محنة الأم في أيامها الأخيرة، وخلال هذه الفترة، تتسرب ملامح تفكك أسري قديم فيما بينهم من ناحية، ومع ذواتهم من ناحية أخرى. ويبلغ هذا التداخل ذروته حين تتماوج أصواتهم، وتختلط ذكرياتهم القريبة والبعيدة حتى تكاد الفوارق بين الذكرى والواقع تتلاشى، ويكاد الحدث الجديد أن يكون امتداداً لحدث قديم، فيتداخل صوت الزوج «بابلو» مع أصوات الابنين «سانتياجو»، و«باربرا»، اللذين صارت لهما حياتهما المستقلة في نسيج سردي مُتصل وكأن مصائرهم وحيواتهم تبدو وكأنها تفريعات لحياة واحدة.
بيت عجوز
تبدأ الرواية، التي تقع في 319 صفحة، بيوميات النسيان التي جثمت على بيت «بابلو» و«إنيس»، حيث يبدو الألزهايمر شبحاً مُتحركاً يُدير أحداث البيت العجوز ويصنع داخله مفارقات تراجيدية، بداية من نسيان إنيس لمكان نظارتها، وحتى وضعها السكر بدلاً من الملح في الطعام، وصولاً لمستويات من الخوف من إيذاء الأم لنفسها بالخطأ.
تبدو التقارير الطبية عن مرض إنيس، التي كان أفراد العائلة يتشاركون متابعتها، مظهراً سطحياً لتكاتف الأسرة، فيما يختبئ وراء تلك المتابعات فتور خفي في تاريخ تلك العائلة، مصحوباً بأسئلة وإسقاطات تدور في فلك الذنب، والعدل، والألم، فالابنة باربرا، التي يكشف السرد مظاهر فشلها في حياتها الزوجية، تحمل بذور هذا الفشل منذ طفولتها، مما أصابها بنوع من التعب في التعامل مع الحياة العائلية: «كانت تعتقد أن الألم حين نشعر به فعلاً لا يمكن التحدث عنه، يُصيبنا بالخرس، وإن لم يُخرسنا يتحول إلى محاكاة ساخرة من ذاته، وحينها يكف عن كونه ألماً، يتلوث». تنفتح الرواية على الزمن، وتحديداً على نوستالجيا البيوت وطرقات المستشفيات، تتداخل سنوات الزواج الأربعين لبابلو وإنيس كأوراق اللعب، فتصير الطفولة والشيخوخة وجهين لعملة واحدة، فالزوج الذي صارت زوجته المُسنة تنام في صالة السينما، ما زال مُتشبثاً بطقس مشاهدة كارتون «توم آند جيري»، يتفاعل مع البيت كبنية من الذكريات، مُحاط دائماً بالصور الفوتوغرافية للأبناء والأحفاد، حيث بات الغياب يتنامى أكثر من الحضور.
يتبادل «الألزهايمر» والشيخوخة معاً في الرواية طرح سؤال الألم، وتصدعاته الحرجة، فهناك الألم العقلي الذي يبحث عن مهرب آمن دائماً، في وقت يتسم الألم الجسدي «بالثبات، والسكون، لا يتوقف، لا يتضاءل»، والألم الفسيولوجي «ذلك الألم الأصم اليومي»، الذي لا يعرف الهدنة.
تحوّلات لا مرئية
رغم أن الرواية تدور في إطار عائلي، فإن المؤلف لم يعتمد تسلسلاً نمطياً في الكشف عن خبايا العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، فيما قام بتفكيك الرابطة الأسرية إلى مشاهد بصرية، ومفارقات درامية، وانطباعات صموتة مُختبئة دون قدرة على التعبير عنها.
ويقوم أندريس باربا ببناء مقاربات بين التحولات اللامرئية لعوالم أبطاله الداخلية، وبين تحولاتهم الشكلية المرئية، فالمرض الذهني ومن قبله الشيخوخة قادا إنيس الجميلة لوضعها الحالي، شاردة كطفلة كسولة.
وترمز لهذا التناقض بين ماضيها البهي وما صارت عليه صورتها الفوتوغرافية المُكبرة التي تنتصف صالة البيت، وهي شابة في العشرين بشعر أسود مسترسل.
أما الابن الوسيم «سانتياجو»، فتؤرقه برودته غير المفهومة تجاه النساء، وكأنه يريد الاحتفاظ بنفسه بعيداً عن العالم «لأنه لا يستطيع أن يشرح ذلك حتى لنفسه». إنه الطفل المُنعزل الذي كان يشعر بانحياز لا نهائي تجاه الأم «إنيس»، وفتور متراكم تجاه الأب «بابلو»، الذي استقر في ذاكرته، في زيه الكاكي ومظهره العمالي وهو يبيع التذاكر في محطة القطار.
وفي المقابل ظلت الابنة باربرا، رغم أنها صارت زوجة وأم لطفلين، أسيرة نعت أمها الدائم لها بالفتاة «القبيحة»: «كلمات أمي التي لم أفهمها حينها وفهمتها الآن».
ومع تدهور حالة الأم تتحول «الأيام الأخيرة للألزهايمر» لخيوط من الأسئلة العالقة لدى الأسرة، تتجاور وتتقطع كعاطفة مبتورة وهشة، لتصبح الذكريات في مواجهة عدمية مع النسيان، حيث الماضي صار شبحاً هو الآخر، مُخلفاً للأبناء أواصر وصوراً ذاتية كظلال من صورة الأم نفسها «توجد إنيس حين يبذل الآخرون جهداً للبحث عن كينونتهم.
والآن من سيسعى للتشبه بها وقد هجرت إنيس ذاتها وكينونتها؟».



مصر


Art



[ad_2]

Source link

]]>
ذكريات: جولة مع الجابري بسيارتي في شوارع الرياض https://sanaanow.com/%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%b4%d9%88%d8%a7%d8%b1/ Mon, 14 Feb 2022 23:57:05 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%b0%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%ac%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%b4%d9%88%d8%a7%d8%b1/ [ad_1]

ذكريات: جولة مع الجابري بسيارتي في شوارع الرياض

كان ثمرتها خوض تجربته الفكرية في دراسة القرآن الكريم بأجزائها الأربعة


الثلاثاء – 14 رجب 1443 هـ – 15 فبراير 2022 مـ رقم العدد [
15785]


محمد رضا نصر الله والدكتور محمد عابد الجابري في صورة التقطت عام 2009 في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

محمد رضا نصر الله

ما زلت أتذكر ذلك المساء في جنادرية 1987 حين علمت لتوي عن وجود المفكر المغربي د. محمد عابد الجابري في فندق قصر الرياض، فطفقت أبحث عنه، وسط عدد من أبرز مفكري العرب وأدبائهم وشعرائهم، وهم يتناولون طعام العشاء في مطعم الفندق.
توقعته ذا وجه (متفلسف) متجهم! كما بدا – بعد ذلك – المتفلسف المصري د. عبد الرحمن بدوي، وأنا أحاوره في فندق جورج سانك بباريس في صيف 1993.
حين وقفت أمام الجابري وهو وحده يتعشى، حييته معرفاً باسمي، فحياني بأحسن تحية، طالباً بدماثة خلقه ورقة طبعه أن نلتقي، بعد أن ينتهي من تناول طعامه. كان كتابه «تكوين العقل العربي» الصادر سنة 1984 قد ترك في نفوسنا وقعاً ساحراً، بغزارة معلوماته، وبيان لغته الآسرة، ومنهجه التحليلي الجديد، الذي استبان بعد ذلك بمعالجته «الأبستمولوجية» في كتابه «بنية العقل العربي» الصادر سنة 1986 مما جعله نجم مسامرات النقاش المختلفة في أماسي بيوت الأصدقاء في الرياض.
في العام الذي تلا لقاءاتنا المتعددة هذه، أدرت ندوة شارك فيها الدكاترة الأعلام، شوقي ضيف وحسن ظاظا (مصر) وعبد الله الطيب (السودان) وعبد الرحمن الطيب الأنصاري (السعودية)… أما الندوة الإشكالية المتلاطمة! فكانت بعنوان «هل العقل العربي في أزمة؟» التي استفزت مشاركة د. محمد عابد الجابري، المد الصحوي الطاغي – وقتذاك – رغم مشاركة الأكاديمي السوداني الإخواني د. جعفر شيخ إدريس أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى جانب د. حمد المرزوقي أستاذ علم النفس بجامعة أم القرى، وكان مدعواً إليها المفكر المصري د. فؤاد زكريا أستاذ الفلسفة بجامعة الكويت، الذي أبدى لي موافقته للمشاركة في الندوة، إلا أن أحداً أعاق طريقه إلى الرياض!
وقد بلغ من استثارة وجود الجابري على المنصة، أن حاول أحد أساتذة الإعلام «الإسلامي» بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من السعوديين، اختراق «بروتوكول» الندوة بانتزاع «ميكروفون» المداخلة قسراً! قبل فتح باب النقاش أمام جمهور القاعة، لتنتهي الندوة بتهديدي إذا ما استمرت فعاليتها، والاعتداء بالضرب على أحد أستاذة علم السياسة بجامعة الملك سعود! رغم التزامه الصمت طوال وقت الندوة. كان الجابري بتفكيكه سلطة النص المحافظ، ونقده هيمنة التراث الفكري على العقل العربي طوال قرون، سبباً في إخضاع التراث العربي الإسلامي إلى جهازه المفاهيمي، وهو يدعو للتحرر العقلي بـ«تدوين (خطاب) عربي جديد» في التداول الفكري (يجب) التدوين القديم بين منتصف القرن الثاني ومنتصف القرن الثالث الهجريين، متوسلاً في ذلك مناهج المفكرين الفرنسيين… لالاند العقلاني المجدد بمعجمه الفلسفي الموسوعي، والتوسير الذي درس القطيعة المعرفية بين ديالكتيك هيغل ومادية ماركس التاريخية، وهو ما انعكس لدى د. طيب تيزيني أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق في كتابه «مشروع رؤية للفكر العربي في العصر الوسيط» الصادر سنة 1971 وما تبعه من أجزاء عديدة، ثم عمق أطروحته حسين مروة في كتابه «النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية» سنة 1978 برؤية تحليلية تكاد لا تغادر الخطاب الماركسي، بتحليل التراث وفق مقولة الصراع الطبقي، وكان قد سبقهما د. زكي نجيب محمود أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة بكتابيه «تجديد الفكر العربي» و«المعقول واللامعقول في تراثنا العربي» متأثراً بالفلسفة الوضعية أثناء دراسته البريطانية، وهو يبحث عن الأصالة والمعاصرة في الفكر العربي، رغم أنه قدم قبل ذلك دراسة لافتة عن «جابر بن حيان» سنة 1961م.
غير أن الجابري سجل مرافعته ضد جملة هذه المشروعات في كتابه «نحن والتراث» سنة 1980 وقد أصدر د. صادق جلال العظم أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق سنة 1969 كتابه «نقد الفكر الديني» على وقع هزيمة 67 المدوية، التي بعثت سؤال الهوية لدى المفكرين العرب، فلم ير الجابري في جملة مشروعاتهم سوى قراءات سلفية، استوى فيها اليميني والليبرالي والماركسي حيث لم تنتج إلا آيديولوجيا من هنا تكمن «لا تاريخيتها» وهي تستعيد سؤال شكيب أرسلان (المُتَردِّم) دون إجابة منذ سنة 1938 في كتابه «لماذا تقدم الغرب وتخلف غيرهم؟».
كان جواب الجابري في الربع الأخير من القرن العشرين، هو نقد الإنتاج النظري، فهو وحده ما سوف يحقق على (يديه) القراءة العلمية الواعية بـ«أحداث» القطيعة الأبستمولوجية التامة مع بنية العقل العربي في عصر الانحطاط، وامتداداتها إلى الفكر العربي الحديث، حيث ما يزال التراث يعشعش بعناكبه في عقول مجتمعاته، كما كان الظلام الكنسي يعشعش بعناكبه في عقول المجتمعات الأوروبية، فانبرى إيمانويل كانت يكتسحه بمشروعه العقلاني التنويري!
كان الجابري قد مهد لكتابه في «نقد العقل العربي» بكتابه «الخطاب العربي المعاصر» سنة 1983 وفق القطيعة المعرفية لدى باشلار، التي أثراها محمد وقيدي أستاذ الفلسفة بجامعة الملك محمد الخامس في دراسته اللافتة عن «فلسفة المعرفة عند غاستون باشلار» سنة 1980 متجاوزاً فلسفة العلوم إلى خطاب أبستمولوجي، معارضاً الفلسفات التقليدية (بدأ الجابري تجربته التأليفية وهو أستاذ جامعي بكتابه «مدخل إلى فلسفة العلوم» بجزئيه سنة 1976 مستفيداً في تحليل النظام المعرفي في مشروعه بما ورد في كتابه «الكلمات والأشياء» لميشيل فوكو في تحليل الأنظمة المعرفية، كاشفاً عن (اللا مفكر فيه) من (لا وعي) فرويد في تحليله النفسي ماسكاً بمفاتيح مشروعه في تحليل العقل العربي في «البيان والعرفان والبرهان» من أحمد أمين في دراسة التاريخ الثقافي العربي الإسلامي، التي بدأها سنة 1938 في «فجر الإسلام» ثم «ضحى الإسلام» فـ«ظهر الإسلام» لتنتهي بـ«يوم الإسلام» دون أن يذكر الجابري في هذا كله إحالاته المرجعية!!! وهو ما تطارحته وإياه في مقابلتي التلفازية السجالية معه في برنامجي «ستون دقيقة» في أحد أيام شهر فبراير (شباط) 2009 وسبقْتُ ذلك بمقال في جريدة الرياض سنة 1995 حثثت فيه جورج طرابيشي على مواصلة نقده لمشروع الجابري، وقد تحول إعجاب الأول بفكر الثاني الذي (يثير ويغير) إلى نقد متواصل، تقول هنرييت عبودي زوجة طرابيشي في كتابها عنه الصادر سنة 2020 إن زوجها حينما (غادر بيروت سنة 1984 أخذ معه كتاب «نقد العقل العربي» وقد واظب على قراءته طوال الرحلة بالطائرة قائلاً: إنه عمل عظيم رائع وهائل وحينما علم بمقدم الجابري إلى باريس دعاه إلى العشاء ولكن هذا الإعجاب لم يدم طويلاً، إذ بدأ جورج يكتشف أخطاء وتفسيرات مغلوطة في كتابه) فانتهى بالرد على الجابري بكتابه ذي الأربعة أجزاء في «نقد نقد العقل العربي».
حينما تطارحت والجابري إشكالات طرابيشي على مشروعه، وجدته يغمغم ولا يبين، متسائلاً: «لماذا تحول الإعجاب المفرط إلى النقد المتواصل؟» فكان جوابه في مقابلتي التلفازية: (عقدت ندوة في دمشق حول كتابي «نقد العقل العربي» بإطراء الحاضرين بما فيهم طرابيشي، وحين أعلنت أنني أؤلف كتاب «بنية العقل العربي» أراد طرابيشي أن يستبق بحسن نية ولا أظن شيئاً غير هذا متنبئاً – أي طرابيشي – بما سأقوله في الكتاب القادم بناءً على ما ورد في كتاب «تكوين العقل العربي» فقلت له: كيف تسمح لنفسك أن تتوقع ما سأقوله فيه فأنت – يقصد طرابيشي – ما فهمت هذا ولا فهمت ذاك… انفعلت ولم أقصد شيئاً آخر فهذه من طبيعتي وأكثر الطلبة يعرفون في هذا أثناء مناقشتي أطروحات الدكتوراه عندما أكون في لجنة المناقشة عادة ما أنفعل وربما يعلو صوتي لا أقصد بهذا أحداً لكن هي هكذا طبيعتي)!!!
كان جواب الجابري مهلهلاً، ويفتقر إلى المنطق، بل إنه بهذا كان يناقض ما دعا إليه في أحد كتبه المبكرة، بضرورة اختراق اللغة والمنطق بـ«الحدس»، فهو وحده الذي يجعل الذات القارئة (جورج طرابيشي) تعانق الذات المقروءة (الجابري) إذ تعيش في إشكالاتها باستشراف ما ستقول.
يقول طرابيشي في كتابه «مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة» سنة 1993:
(ما الذي يسكت عنه نص الجابري المطول في عصر التدوين، إنه مرة أخرى يسكت عن المصدر الذي أخذ منه الفكرة والتسمية – يقصد أخذ الجابري مفاتيح كتابه «بنية العقل العربي» في تحليل الأنظمة المعرفية وتسميتها «البيان والعرفان والبرهان» من موسوعة أحمد أمين مؤكداً – طرابيشي – أنه لا يجوز أن يعاد تجليد المجلد أو يعاد نسخه مرتين، لا سيما والدراسات المتراكمة خلال النصف الثاني من القرن العشرين قد أبطلت أسطورة عصر التدوين من أساسها).
استلهم الجابري فكرة «الكتلة التاريخية» من المفكر الإيطالي العضوي غرامشي، ذاكراً ذلك حين دعا في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) 1982 من مجلة المستقبل العربي، مقارباً حال الأمة العربية في تمزقها، بما كانت عليه إيطاليا في بداية القرن العشرين من تفاوت بين شمالها وجنوبها، وأن الكتلة التاريخية العربية هي البديل الاستراتيجي لحالة الإقصاء والتهميش، غير أن هدا التهميش هو ما يهمن على فكر الجابري، وهو يختزل التراث العربي في ثلاثيته (البيان ونموذجه الجاحظ، والعرفان ونموذجه جابر بن حيان وابن سينا، والبرهان ونموذجه ابن رشد)، فإذا بثنائية الظاهر والباطن الكامنة في «تهرمس» مذهب جابر بن حيان، حسب مقولة ماسينيون المهتم بالفكر الباطني – والصوفي الحلاجي خاصة – خالطاً بين الشيعة الإمامية والإسماعيلية والمتصوفة بضربة يد واحدة! وقد استقاها منه هنري كوربان في أحد كتبه الأولى «تاريخ الفلسفة الإسلامية»، فإذا بالعقل المشرقي المتجسد في ابن سينا رائد علم الطب التاريخي عالمياً، هو المسؤول – في نظر الجابري – عن انحطاط العقل العربي! وأن جابر بن حيان رائد علم الكيمياء التاريخي عالمياً، هو – في نظره – من أسس للتصوف ودمر الحضارة العربية ببذره الغنوصية في تربة العالم العربي!
أنا هنا لا أريد الاستفاضة فيما كتبه علماء أوروبيون، منهم من كان متحاملاً على جابر بن حيان، فهذا هو الكيميائي البريطاني (هولبارد) سنة 1923 يؤكد على استحقاق جابر لقب مؤسس علم الكيمياء، معادلاً أرسطو في علم المنطق، أما ما قاله مؤرخو العلوم عن مكانة ابن سينا وكتابه «القانون في الطب» المتداول في الجامعات العالمية فهو ثابت ومعروف.
لكن لماذا اهتمام الجابري المفاجئ بابن رشد رائد علم الفقه المقارن، ومترجم التراث الأرسطي والأفلاطوني هل هو إعادة تمركز ذاتي حول مغرب متفوق ببرهانه، على عقل مشرقي بياني وعرفاني؟!
أم هي محاولة تماهي بدور ابن رشد، بحيث يتبدى الجابري في عصرنا العربي ابن رشد آخر؟! رغم أن من اهتم بـ«المتن الرشدي» وتخصص فيه منقباً وباحثاً هو جمال الدين العلوي، الذي جمع شتات النصوص الرشدية من المكتبات الأوروبية.
أحسب أن للمصدر الفرنسي دوماً دور التنبيه لذهن الجابري… هذه المرة بما كتبه مؤرخ الأفكار أرنست رينان عن «ابن رشد والرشدية» سنة 1852 مثبتاً مكانة فيلسوف قرطبة العربي المسلم في الأكاديميات الأوروبية، وقد استوى مؤسساً لعصر التنوير في بداية نهضة مجتمعاتها، مؤثراً على الفلسفة اللاتينية والعبرية (عبر تلميذه موسى بن ميمون) بوصفه الشارخ الأكبر لأرسطو.
هذا.. وتبقى مشكلة عدم ذكر الإحالات إلى مصادرها، في مشروع الجابري قائمة عند كثير من زملائه وباحثيه، ومنهم د. فهمي جدعان أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي في الجامعة الأردنية، وقد كتبت مقالاً بعنوان «هل سرق الجابري فهمي جدعان» هو ما حثثت فيه جورج طرابيشي على استكمال كتاباته النقدية في أعمال الجابري، وكان قد ضمّن نتائج بحث جدعان عن «المحنة» في مسألة خلق القرآن عند المعتزلة، التي عارضها الإمام أحمد بن حنبل في كاتبه «مثقفون في الحضارة العربية»، دون ذكر الإحالة! فقد أجابني حين سألته بنفس الغمغمة! «إن المسألة انتهت وأن علاقتنا الشخصية والعائلية» أصبحت على ما يرام!!! وهو نفس ما استمعته من د. عبد الله العروي أستاذ الفلسفة بجامعة الملك محمد الخامس حين قابلته تلفزيونياً في فيلته بالدار البيضاء صيف 1993. متهماً الجابري الأخذ من عدته المنهجية في التحليل، مستنداً إلى كتابيه المبكرين «العرب والفكر التاريخي» و«الآيديولوجيا العربية المعاصرة» الصادرين في منتصف السبعينات.. أن هذا الخلل المنهجي الفاضح، هو ما أكد عليه كذلك د. عبد الإله بلقزيز في كتيب صدر له مؤخراً من مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان «محمد عابد الجابري ونقد العقل العربي» مؤاخذاً الجابري على أخذه الحر المتصرف في الدلالات الأصلية للمفاهيم (المستعارة) من مفكرين غربيين، والإحجام عن التصريح بمصادره.
بعد غزو صدام حسين دولة الكويت 1990 ما كان أحد يتوقع، أن يقف ناقد العقل العربي، في صف الشعبوية السياسية، التي ركب موجتها – إذ ذاك – كثير من اليساريين والإسلاميين، ومن بينهم محمد عابد الجابري، الذي ربط مناصرته المعارضة الكويتية في استرجاع وطنها المسروق، بوقوفها موقف صدام حسين ضد القيادة الكويتية! وهي في المنفى تعمل على استعادة الكويت.
عبر هذه المغالطة المنطقية، طفق المفكر القومي ينشر فصول كتابه «نقد العقل العربي» في صفحات جريدة حزبه «الاتحاد الاشتراكي» متمحورة حول ثلاثية جديدة «العقيدة والقبيلة والغنيمة»، منتقداً العقل البدوي! القائم على الاستحواذ، متأثراً بأطروحة المفكر العراقي د. علي الوردي في الدكتوراه حول ابن خلدون التي نالها من جامعة تكساس الأميركية سنة 1950 وقد استقى من مقدمته المركوزة حول صراع البداوة والحضارة، أطروحة الصراع بين الصحراء والنهر، موحياً للجابري بأطروحته عن «فكر ابن خلدون العصبية والدولة» سادّاً قصور الوردي في دراسته عن ابن خلدون.
أتذكر أن الجابري راسلني والكويت محتلة، بأن أعمل على نشر فصول كتابه «نقد العقل السياسي العربي» (البدوي) في جريدة الرياض! متزامناً مع نشرها في جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بوصفه منظر حزب الجريدة السياسي.
بعدها تأبى علي إجراء حوار تلفازي معه في برنامجي «هذا هو» بقناة MBC أثناء زيارتي المغرب في صيف 1993 إلا أنه لم يتحرر من عرفه «البدوي» وهو المولود في فجيج، بالإصرار على تلبية دعوته لتناول طعام الغداء، مرفوقاً بزوجتي وبنتي وابناي، في فيلته بالحي الفرنسي في الدار البيضاء، امتناناً منه لاستضافتي إياه في بيتي بالرياض.
ولم يفتأ متواصلاً مع المملكة، التي فتحت له صحيفتها «الشرق الأوسط» ومجلتها «المجلة» باباً واسعاً نشر فيهما الكثير من مقالاته بعد انتهاء حرب الخليج الثانية.
بل أن مركز البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، دعاه لإلقاء محاضرة عن العولمة، وقد لبيت الدعوة لحضورها، لا للاستماع للمحاضرة فحسب، وإنما لتجديد أواصر صداقة تقادم عهدها بعدما قارب الجابري على الانتهاء أشار بيده علي بالبقاء دون مغادرة القاعة، فأخذته في جولة إلى شوارع الرياض، متحاوراً معه حول قضايا الساعة، فتحدث معي حول المستجدات في مجتمعه السياسي المغربي، وكذلك عن الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وكانت في أوجها، وقد بدا النظام الإقليمي العربي متعثر الخطوات، إثر تداعيات حرب الخليج الثانية، مثقلاً باستحقاقات مجتمعاته المستفيقة على وقع العولمة المدوي.
كان الجابري قد انتهى من رباعيته في نقد العقل العربي، أدعه يكمل الحديث كما جاء في مقدمة كتابه «مدخل إلى فهم القرآن الكريم» صفحة 14 الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2006 من مركز دراسات الوحدة العربية:
(انتهيت من العقل الأخلاقي العربي 2001 وأنا في شبه نشوة مثل تلك التي تنتاب المتجول في غابة عند بلوغه مخرجاً من مخارجها! غير أني أخذت أفرك عيني على ضوء الفضاء – الفراغ المحيط بالقاعة إذا ببعض الأصدقاء يمطرونني بأسئلة من نوع وماذا بعد؟ بعضهم أجاب بنفسه فاقترح كتاباً في «الجمال في الفكر العربي» باعتبار اتصال الموضوع بالأخلاق، فكلاهما بحث في القيم وبعضهم اقترح كتاباً في «الفكر العلمي عند العرب» بعد أن تناولت الفكر النحوي والفقهي والبلاغي والسياسي والأخلاقي في الأجزاء السابقة.
وفي نفس الفترة التي اقترحت علي هذه الموضوعات أو قبلها بقليل، اقترح علي صديق من السعودية، ونحن على سيارته متجهين إلى عزيمة عشاء في منزل صديق مشترك بالرياض فاقترح قائلاً: «لماذا لا يكون الكتاب القادم عن القرآن».
كان هذا ثمرة حوار جولتي مع أستاذنا الجابري بسيارتي في شوارع الرياض مساء يوم الثلاثاء 24 أكتوبر 2000 وقد أفصح عما ذكره مرة في مقابلتي التلفازية معه، وأخرى في محاضرته المسائية بمعرض الرياض الدولي للكتاب في أحد أماسي فبراير 2009 بأنني من كان وراء خوض تجربته الفكرية، بل قل الروحية في دراسة القرآن الكريم بأجزائه الأربعة، التي استثارت جدلاً واسعاً داخل المغرب وخارجه، يكاد لا يتوقف إلى اليوم حول الإشكالات التي وقع فيها!



السعودية


Art



[ad_2]

Source link

]]>
رودريغو غارسيا لـ«الشرق الأوسط»: لو كان أبي أقل شهرة ونجاحاً لما كنت تقاسمته مع الكثيرين https://sanaanow.com/%d8%b1%d9%88%d8%af%d8%b1%d9%8a%d8%ba%d9%88-%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%80%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d9%84%d9%88-%d9%83%d8%a7/ Sat, 29 Jan 2022 23:38:39 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%b1%d9%88%d8%af%d8%b1%d9%8a%d8%ba%d9%88-%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%80%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d9%84%d9%88-%d9%83%d8%a7/ [ad_1]

ابن ماركيز يتحدث عن والديه وكتابه الوداعي لهما ونقل روايات غابو إلى السينما

«أعتقد أن الكتّاب يسكنهم هاجس الموت، يكتبون القصص، يحاولون ترتيب فصول الحياة وتفاصيلها وإعطاء معنى للبدايات والنهايات، ويسعون لتأخير ما يستحيل تأخيره}. بهذه الكلمات تحدث رودريغو غارسيا، عبر منصة «زووم» من العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، في حوار أجريته معه حول الكتاب الذي نشره مؤخراً كوداع لوالديه، مرسيديس وغابو، وعن الأيام الأخيرة في حياة صاحب «مائة عام من العزلة» الذي انطفأ في مكسيكو فجر السابع عشر من أبريل (نيسان) عام 2014.

منذ أشهر يمضي رودريغو وقته متنقلاً بين بوينوس آيريس، حيث يقوم بإخراج شريط سينمائي عن حياة «إيفيتا بيرون»، ولوس أنجليس، حيث يشرف على تصوير إنتاجين ضخمين لصالح إحدى المنصات العالمية الكبرى حول رائعة والده «مائة عام من العزلة» والكتاب الذي يحكي قصة المهاجر اللبناني سانتياغو نصار في «وقائع موت معلن».

في كل أحاديثنا السابقة التي تعود لسنوات عديدة، لم أستشعر يوماً لدى رودريغو أي انزعاج دفين من كثافة حضور والده وظل شهرته الوارف، لكني كنت أتساءل دائماً كيف تكون الحياة في كنف والد مالئ الدنيا وشاغل الناس مثل غابو، فحملت السؤال هذه المرة مباشرة إلى ابنه:

> ما هو هذا الكتاب؟ تكريم لوالديك؟ تخليد لذكرى واحد من أكبر الخالدين في الأدب الأميركي اللاتيني الحديث؟ أو تصفية حسابات ومحاولة للانعتاق من هالة الأب المترامية في كل الاتجاهات؟

– هو كما في العنوان، وداع. وداع لأنهما رحلا عن هذه الدنيا، لكن في الواقع يبقى وداع الوالدين مستحيلاً طالما نحن على قيد الحياة. الأسابيع الأخيرة بجانب والدي، والسنة الماضية مع والدتي قبل وفاتها، أتاحت التأمل طويلاً وعميقاً في معنى وداع الآباء. لا يمر يوم واحد من غير أن يحضرا في أفكاري، وموتهما ليس نهاية لأي شيء. كلاهما رحل في السابعة والثمانين، وعاشا حياة طويلة وجميلة، ومهما بلغ الاحترام الذي يكنه القراء لوالدي والإعجاب بأعماله في جميع أنحاء العالم، تبقى وفاة الأب دائماً كارثة بالنسبة للولد.

> غارسيا ماركيز كان أيضاً بمثابة أب لقرائه، كيف تتعامل مع ذلك؟

– ثمة ازدواجية غريبة في هذا الشعور. أدرك جيداً أن والدي كان لي وللآخرين، وأنه لو لم يكن من كان، وما زال، لما كان لهذا الكتاب أن يلقى أي اهتمام. لا بل إني أشعر أحياناً بأن كل ما أقوم به له صلة، بشكل أو بآخر بوالدي. في كل الأحاديث والمقابلات التي أجريتها حتى الآن حول الكتاب، كان السؤال ذاته يعود في كل مرة: كيف وكم تأثرت بوالدك؟ وفي كل مرة كنت أبذل جهداً كبيراً كي لا أجيب: تماماً مثلما تأثرت أنت بوالدك.

> من الأفلام التي أخرجتها ونالت إعجاباً كبيراً فيلمTerapia» »، هذا يدفعني إلى سؤالك إذا كنت شعرت يوماً بالحاجة إلى «قتل» والدك؟

– لا أعتقد أن بوسعي إضافة الكثير أو الجديد إلى هذا الموضوع الذي وضعت فيه مجلدات ودراسات لا تحصى. لكن، أليس من المفارقة أن كل الأبناء يحتاجون إلى موافقة الآباء لكي ينموا، ولكي نتمكن من «قتلهم» أيضاً؟ هذا هو التناقض الكبير الذي تحمله الأبوة. ثم حين يتقدم الآباء في السن، يصبح الأبناء بدورهم آباءً لآبائهم. هذه سخرية الحياة. أشعر بإعجاب وافتنان إزاء هذه المرحلة التي ينمو فيها الأبناء ويكبرون ثم يستقلون فيما الآباء يشيخون وتزداد حاجتهم إلى أبنائهم.

> وماذا عن الشعور بالذنب في التباس العلاقة بين الأبناء والآباء؟

– التناقض كامن دائماً في هذه العلاقة. تشعر بالذنب، ومع ذلك تغضب لاعتقادك بأنك أنت المذنب، كأن تقول: أشعر بأني مسؤول عما حصل لك، لكن لا تلمني على ذلك. أي أنك تشعر بالذنب لأنك تشعر بالذنب. والعالم الذي عشت فيه كان شعور الأمهات بالذنب حاضراً أكثر من شعور الآباء. كان مألوفاً أن تسمع الأم، وليس الأب، تلقي اللائمة على نفسها. على أي حال، أعتقد من المستحسن أن نسامح أنفسنا قدر المستطاع.

>هل شعرت يوماً بالغيرة من نجاح والدك؟ أو من شهرته؟

– أصابت الشهرة والدي عندما كنت قد صرت بالغاً. كانت شهرة واسعة جداً بعد نيله جائزة نوبل، وأيضاً بفضل وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية. لا شك أن كل ذلك كان له تأثيره، لكنه لم يداهمني في مرحلة الصِغر. عشت طفولتي ومراهقتي في المكسيك، حيث تعارفنا، ثم في برشلونة لبضع سنوات. يومها كان والدي معروفاً لكني لم أشعر أبداً أني ابن نجم سينمائي أو غنائي. على أي حال، لا رغبة عندي في أن أغير أي شيء. لو كان والدي أقل شهرةً ونجاحاً، لما كنت تقاسمته مع الكثيرين، لكن الأرجح أن الأمور كانت لتكون أسوأ مما هي عليه الآن (يضحك)…

> إلى جانب الرواية والمقالات والتحقيقات الصحافية، كان غابو أيضاً ناقداً سينمائياً ولعب دوراً أساسياً في إنشاء معهد العلوم السينمائية الشهير في هافانا… وأذكر أنه قال لي في أولى المقابلات التي أجريتها معه في كنكون (المكسيك) إنه يتمنى لو كان مخرجاً سينمائياً. هل كان يشعر بالغيرة منك عندما اخترت طريق الإخراج السينمائي؟

– لا أعتقد ذلك. لم يكن قليلاً النجاح الذي أصابه بالكتب، وكان يتباهى كثيراً عند الحديث عن أفلامي ويدعو الجميع إلى مشاهدتها. كان حباً وإعجاباً بلا غيرة.

> إشرافك اليوم على نقل كتبه الأوسع شهرة إلى السينما، هل في ذلك وفاء لدين؟

– إنها مسؤولية كبرى. لكني راضٍ جداً عما أراه وأقرأه. من «مائة عام من العزلة» قرأت سيناريو الحلقات الأربع الأولى، وأعتقد أن القرارات التي اتخذت صائبة، والأهم من كل ذلك أن الأمور تأخذ مجراها الطبيعي بوتيرة متأنية من غير استعجال.

> سلمى حايك هي منتجة الفيلم عن «إيفيتا بيرون»، وهي التي طلبت إليك المشاركة فيه. هذا يحملني إلى سؤالك عن «الرابط اللبناني» بينكما.

– (يضحك)… أعرف أنك تجنح دائماً للحديث عن هذا الرابط، كما تسميه. سلمى من أصول لبنانية وهي تعتز كثيراً بها، ووالدتي متحدرة من عائلة لبنانية هاجرت إلى مصر واستقرت في بورسعيد، لكن لم يرشح لنا شيء سوى القليل جداً من ذلك كما تعرف. على أي حال لا علاقة لهذا الرابط بالفيلم عن «إيفيتا»، الذي كان لا بد من تصويره في الأرجنتين مع ممثلين وتقنيين أرجنتينيين، باستثنائي أنا والطبيب الإسباني الذي حنط «إيفيتا» بعد وفاتها. والفيلم يستند إلى كتاب توماس كلاي الذي كان صديقاً حميماً لوالدي، وهو يتناول ببراعة مذهلة ظاهرة «إيفيتا»، وتلك الهستيريا التي سادت من أحبوها وكرهوها على السواء، تماماً مثل ظاهرة مارادونا التي كان الواقع فيها يتجاوز أبعد ما يمكن أن يصل إليه الخيال. يضاف إلى ذلك أننا ربينا في بيت كانت السياسة تحتل فيه حيزاً واسعاً. والدي كان يتابع عن كثب ما يحصل في أميركا اللاتينية، وكانت له علاقات وطيدة مع العديد من الزعماء والرؤساء، ويهتم كثيراً بموضوع السلطة السياسية، خصوصاً لدى الطغاة والرجال الأقوياء والزعماء الشعبويين.

> مطالع عام 2020، وفي ذروة جائحة «كوفيد»، نشرت لك صحيفة «نيويورك تايمز» مقالاً في شكل رسالة موجهة إلى والدك جاء فيه: «… لا يمر يوم واحد من غير أن أقرأ أو أسمع إشارة أو استحضاراً لك ولأعمالك، وأتساءل ماذا كنت لتقول عن هذا الوضع الذي نعيشه اليوم، أنت الذي كتب يوماً: ما يعذبني في الجوائح والكوارث الكبرى أنها تذكير لنا بمصيرنا الشخصي، أي أنه برغم الحيطة الدائمة والحذر والعناية بالصحة والثروة، يمكن لأي إنسان أن يسحب الرقم الخاسر في هذه الحالة القدرية… ».

– أعتقد أن الكتاب يسكنهم هاجس الموت، يكتبون القصص، يحاولون ترتيب فصول الحياة وتفاصيلها وإعطاء معنى للبدايات والنهايات، ويسعون لتأخير ما يستحيل تأخيره، أي هذه الفوضى التي لا يمكن أن نسيطر عليها في حياتنا. والدي كانت تؤرقه كل الأمور التي يعجز عن التحكم بمسارها، وبعكس أمي كان غالباً ما يعبر عن ذلك.

> وماذا عن والدتك التي، رغم شهرة الوالد، كانت هي الشخصية المركزية في العائلة؟

– والدتي كانت شخصية معقدة، علـى بساطة ظاهرة، بالغة الإحساس، قاسية ورؤوفة، شجاعة وقلقة، لكنها كانت تتحلى برباطة جأش مذهلة وقدرة فائقة على إظهار القوة في لحظات الضعف، وعلى التصرف بهدوء وروية في الأزمات والظروف المضطربة. رافقت والدي عن قرب في كل مراحل حياته، وكان لها تأثير كبير على معظم القرارات التي كان يتخذها. ومن الأمور التي كانت تدهشني دائماً، أنها برغم أصولها المتواضعة تمكنت من التكيف ببراعة وتألق مع الشهرة العالمية التي جاءت مع نجاح والدي.

> هل عندك ما تضيفه عن غابو في نهاية هذا الحديث الذي فرضته الظروف الراهنة عبر المنصة الإلكترونية؟

– ترددت كثيراً في نشر الكتاب الذي ليس وداعاً مضمخاً بالحب والأنانية، بحيث لا يشعر القارئ بعد مطالعته بأي حزن أو أسف. أردته كتاباً يجمع الذكريات والأفراح إلى اللحظات الحزينة، لكن من غير أن يكون كتاباً جنائزياً. خلال الأسابيع الأخيرة من حياة والدي، وبعد أن قال لنا الأطباء إننا أصبحنا قاب قوسين من النهاية، كان من الطبيعي أن أفكر بتدوين يوميات، ليس بهدف نشر كتاب أو مقالة، بل لأن غابو لم يكن ملك عائلته وأصدقائه فحسب، بل هو لملايين القراء في شتى أنحاء العالم. أشعر أحياناً بأن والدي لم يكن مجرد كاتب ناجح ومشهور، بل حالة إنسانية وفكرية يجب أن تدوم مع الزمن.




[ad_2]

Source link

]]>
فيرا تولياكوفا وناظم حكمت… علاقة متوهجة نمت في كنف السباق مع الموت https://sanaanow.com/%d9%81%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%aa%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a7%d9%83%d9%88%d9%81%d8%a7-%d9%88%d9%86%d8%a7%d8%b8%d9%85-%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%aa-%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d9%85%d8%aa%d9%88%d9%87%d8%ac/ Wed, 10 Nov 2021 02:17:43 +0000 https://www.yemenadab.com/%d9%81%d9%8a%d8%b1%d8%a7-%d8%aa%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a7%d9%83%d9%88%d9%81%d8%a7-%d9%88%d9%86%d8%a7%d8%b8%d9%85-%d8%ad%d9%83%d9%85%d8%aa-%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d9%85%d8%aa%d9%88%d9%87%d8%ac/ [ad_1]

في سيرتها عنه حرصت على الوفاء له شاعراً وإنساناً وزوجاً

قل أن حظي شاعر معاصر بما حظي به الشاعر التركي ناظم حكمت من شهرة واهتمام نقدي وتعاطف واسع، على المستويين الوطني والعالمي. لا بل إن ما لقيه الشاعر من حفاوة وتقدير على الصعيد العالمي، يفوق بأضعاف ما لقيه في بلاده، التي لم يجد حكامها العسكريون طريقة ملائمة لتكريمه، كشيوعي بالغ الخطورة، سوى ملاحقته الدائمة ومصادرة كتبه، وصولاً إلى إيداعه السجون لسنوات طويلة. ومع أن الشاعر كان يمتلك بوسامته البادية وعينيه الزرقاوين الصافتين وقامته الفارعة، فضلاً عن موهبته العالية، كل ما يوفر له أسباب السعادة والطمأنينة، إلا أن انتماءه العقائدي لم يكن ليوضع من قبَل سلطات بلاده في خانة الآيديولوجيا المناهضة وحدها، بل يُنظر إليه من زاوية العداء التاريخي المستحكم مع الروس، في الآن ذاته. وإذ لمح حكمت غير مرة إلى أن السلطة الحاكمة كانت تدبر مكيدة لاغتياله خارج السجن، بطريقة لا تثير الشبهات، تمكن في غفلة من العسس، من الفرار بأعجوبة عبر البحر، ليصل بعد ذلك إلى موسكو، حيث ستأخذ حياته اللاحقة مساراً آخر.

إلا أن الحديث عن الحقبة الموسكوبية التي سبقت وفاة ناظم حكمت، والتي نقلتها زوجته الأخيرة فيرا تولياكوفا إلى القراء، بقدر عال من البراعة السردية والدفء الحميم، لا يستقيم بأي حال دون التوقف قليلاً عند حياة ناظم العاطفية السابقة، حيث ارتبط الشاعر الشغوف بالحياة بغير قصة حب، وغير علاقة زوجية. ولا نستطيع في هذا السياق أن نغفل العلاقة الملتبسة التي ربطت حكمت بزوجته بيراييه، حيث لم يتح لهما أن يعيشا تحت سقف واحد لأكثر من سنوات ثلاث، فيما ظل الشاعر خلال السنين المتبقية قابعاً خلف ظلمة السجون. على أن الزوجة المثقفة التي حرصت على الوفاء للشاعر طيلة سنوات سجنه الطويلة، لم تستطع أن تغفر له خيانته لها مع امرأة أخرى يختزلها ناظم اسمها بالحرف «س»، معترفاً بفعلته تلك، كما بإلحاح زوجته في طلب الطلاق. وهو ما حدث بالفعل قبل خروج الشاعر من السجن، ليتزوج دون إبطاء من امرأة أخرى هي منور، التي ظهر اسمها في الكثير من قصائده العاطفية. وإذا كان حنا مينة قد اعتبر في كتابه «ناظم حكمت السجن، المرأة، الحياة»، أن بيراييه ومنور هما المرأة عينها، عاد في كتابه اللاحق «ناظم حكمت ثائراً» ليتراجع عن رأيه السابق، مؤكداً أنهما امرأتان مختلفتان. كما أن مينة الذي كان قد أشار إلى عجز حكمت عن الإنجاب، بناء لاعتراف شخصي من الشاعر لصديقه الكاتب كمال طاهر، عاد لاحقاً ليؤكد أن ولده محمد هو ابنه البيولوجي، الذي كان قد تنبأ بولادته في قصيدة استشرافية يقول فيها:

سيولد منا، يا منور، أكمل من ولد من التراب

ومن النار والبحار

ودون خوف ولا تفكير

سيترك الناس أيدي الناس

ناظرين إلى النجوم قائلين: الحياة شيء جميل

أما البرود العاطفي الذي أظهره حكمت إزاء الزوجة السابقة التي هدرت سنوات شبابها في سبيل حبها له، فيعيده صاحب «المصابيح الزرق» إلى التكوين النفسي للشعراء والفنانين، الذين يشكل النأي والابتعاد جزءاً لا يتجزأ من افتتانهم بالمرأة، كما بسائر الموجودات. لكن التحقق الفعلي للمرأة المحبوبة يتسبب بإبطال الجانب الأكبر من هذا السحر، ويعيد الأشياء إلى حجمها الطبيعي. كما يرى مينة أن حكمت الذي وجد نفسه حائراً بين خياري الوفاء لزوجته والوفاء لقصيدته، لم يملك كشاعر مبدع سوى أن ينتصر للخيار الثاني، وهو الأمر البديهي في رأيه. لكن اللافت في الوقت ذاته أن العلاقة الجديدة مع منور لم تثبت طويلاً إزاء الزمن، كما ظلت محاطة بالكثير من الغموض واللبس، قبل أن تخلي مكانها لعلاقة جديدة كان مقدراً لها أن تتم في ظروف مغايرة وفوق مسرح آخر.

كان من الطبيعي أن يُستقبل ناظم حكمت في موسكو استقبال الفاتحين، خصوصاً أن حملة تضامنٍ واسعة قد سبقت إطلاق سراحه، محولة إياه إلى واحد من الرموز الشعرية والنضالية الأكثر شهرة على الصعيد العالمي. على أن الهالة التي أحاطت به والأدوار المتعددة التي أسندت إليه، لم تستطع أن تردم في أعماقه شعوراً داهماً بالوحشة واقتراب الكهولة، وصولاً إلى توجسه من الموت المفاجئ، بفعل مرض في القلب والأوعية الدموية يصعب شفاؤه. ولأن المرأة وحدها هي القادرة، في رأيه، على منحه الدفء الذي يحتاجه، فلم يكد بصره يقع على الشابة الجميلة فيرا تولياكوفا، التي قصدت منزله طلباً للمساعدة في مجال الأفلام المتحركة، حتى أدرك حكمت، وهو المحاط بعشرات المعجبات المماثلات، أن لهذه المرأة سحرها المختلف، وأنها وحدها القادرة على بعث الحياة في أوصاله اليابسة.

قد تكون السيرة التي تولت فيرا تولياكوفا كتابتها بنفسها تحت عنوان «الحديث الأخير مع ناظم»، هي إحدى أكثر السير المماثلة شفافية وصدقاً وغنى بالتفاصيل. والواضح أن تولياكوفا لا تظهر في كتابها بمظهر الكاتبة الهاوية التي تريد الاتكاء على مكانة زوجها الراحل لتحقيق الشهرة، بل هي عملت على تنويع أساليب السرد، متنقلة برشاقة بين الأزمنة، ودافعة عصب اللغة إلى مداه الأخير. ولعل ما أضفى على العمل تلك الشحنة الفائضة من العاطفة والبوح الحميم، هو كون الزوجة المفجوعة قد شرعت في كتابته بعد أسبوعين اثنين من رحيل زوجها، ومن ثم استمرت في الكتابة لعامين متتاليين. وهو ما أتاح لفيرا أن تطلق العنان للغتها الفوارة وحبها الجامح، في ظل الشعور الممض بالخسارة، والوطأة الثقيلة للفقدان. ولعل الغليان العاطفي الذي يقف وراء الكتاب، هو الذي جعل فيرا تستسلم تماماً لإغواء السرد، مدونة في البدء ما يزيد عن الصفحات الألف، قبل أن تعمد إلى حذف الكثير من التفاصيل الحميمة للعلاقة، كما تشير في مقدمة الكتاب.

«كنتَ منذ أن جئت إلى موسكو، أشبه بالأسطورة، وكنت بالنسبة لي بعيداً كأولئك الذين يعملون في الكرملين»، تقول تولياكوفا لحكمت بعد رحيله. وهي إذ تختار ضمير المخاطب كصيغة للكتابة، تبدو وكأنها ترفض بشكل قاطع فكرة غيابه عن العالم، وهو الماثل في وجدانها من خلال حضوره الأخاذ، كما من خلال إبداعه ومواقفه النضالية والإنسانية. على أن أكثر ما يلفت في السيرة، ليس فقط الوقوع السريع للشاعر في حب الشابة الشقراء التي تصغره بعقود، بل اكتشاف فيرا منذ لحظة اللقاء الأولى أن ناظم مصاب بمرض خطير في القلب والشرايين، وهو ما أكسب العلاقة طابعها الدرامي والرومانسي، بحيث راح الحب بين الطرفين ينمو في كنف القلق والخوف من المجهول والسباق مع الموت. ومع ذلك فقد احتاجت فيرا إلى وقت غير قليل، لتتأكد من مشاعرها الحقيقية إزاء الرجل الذي تمنت نساء كثيرات أن يحظين منه بأدنى التفاتة، فيما كان من جهته، ومنذ الأيام الأولى للقائها به، يعترف لها بحبه باكياً، كما تروي. ثم تضيف بأنها المرة الأولى التي قيض لها من خلالها أن تعرف كيف يبكي الرجال.

تحاول فيرا تولياكوفا من خلال سردها الشيق أن توائم قدر استطاعتها بين موجبات الوفاء للشاعر الذي أحبته، وبين الحرص المقابل على تقديمه كإنسان وكزوج، بقدر من الموضوعية والالتزام بالحقيقة، وبمعزل عن هالة التعظيم و«الأسطرة» التي أحاطت به. ففيرا التي وقعت بعد تردد في حب ناظم، مقررة الزواج منه والتخلي عن زوجها الأول، لا تتوانى في غير مناسبة عن الإشارة إلى الغيرة شبه «المرَضية» التي كان يبديها حكمت إزاءها. فقد كان، في فترة التعارف السابقة على الزواج، يحرص على الاتصال بمكتبها مرات عدة في اليوم الواحد. «كنت تفكر في نفسك فقط. أردت أن تضعني في مجال سيطرتك، ولم تمنحني الفرصة لكي أتوقف ولو للحظة عن التفكير بك»، تقول له في أحد فصول السيرة. ثم تقول في مكان آخر بأن الحياة تمنحنا في بعض الأحيان شعراء إنسانيين وعظماء، ومع ذلك فيمكن لهؤلاء ببساطة «أن يلصقوك بالحائط، ويستجوبوك بإلحاح كما يفعل المحققون». ومع ذلك فإن الكاتبة نفسها ما تلبث أن تضع غيرة الشاعر ونزوعه المفرط للتملك في إطارهما الصحيح، حيث لم تكن الشهرة وحدها قادرة أن تدرأ عنه وطأة السجن والمنفى والمرض وشبح الموت المتربص، بل كانت روحه القلقة تحتاج إلى حب عميق يحميه من الصقيع. حتى إذا وجده، مشفوعاً بالحنان والجمال والذكاء، عند تولياكوفا بالذات، تشبث به كما يفعل الغريق بقشة النجاة الأخيرة. والأدل على ذلك هو قول حكمت لها في إحدى القصائد:

أحبكِ كما أحب الخبز المغمس بالملح

أحبك مثل كلمات «الحمد لله،

لا أزال أحيا»

بفضلكِ أنت تمنحني الأشجار ثمارها

بفضلكِ أجمع العسل من ورود الأمل

وبفضلكِ أيضاً لن أسمح للموت أن يصل إلي

وكما حرصت فرنسواز جيلو على أن تقدم في كتابها عن بيكاسو صورة بانورامية عن عصر بكامله، فعلت تولياكوفا الشيء نفسه، ولو بعاطفة أشد، وبنبرة من الرومانسية فرضتها الطبيعة المختلفة للعلاقتين. ففي سياق التركيز على التوتر السياسي والأمني الذي كان يسود العالم، زمن الحرب الباردة بين المعسكرين، تحدثت الكاتبة عن أسفار زوجها المتكررة إلى الخارج، وعن دوره البارز والطليعي في مختلف المهرجانات والمؤتمرات الثقافية التي حضرها، بخاصة مؤتمر القاهرة، حيث خصه عبد الناصر بلفتة تكريمية مؤثرة. كما تحدثت عن تحول موسكو، خلال تلك الحقبة، إلى قبلة أنظار رئيسية لكتاب العالم اليساريين. واللافت هنا أن الانطباعات التي قدمتها فيرا عن لقائها غير مرة بأراغون وإلسا تريوليه، كما بنيرودا وماتيلدا، لم تخل تماماً من الغمز واللمز والشعور الواضح بالمنافسة، إذ أشارت بشيء من السخرية إلى «جنون» أراغون بإلسا، كما إلى النزعة العدائية عند هذه الأخيرة، ولتشاوفها وثقل حضورها. فيما تعاملت مع ماتيلدا بوصفها زوجة نيرودا المضجرة وطليقته المحتملة.

ثمة أمر آخر ألحت فيرا تولياكوفا على إبرازه في السيرة، وهو يتعلق بإزالة الصورة النمطية المتعلقة بولاء ناظم حكمت «الأعمى» للنموذج الشيوعي السوفياتي، وغض بصره عن الفظاعات المروعة التي ارتكبت بحق ملايين المحتجين على الوضع السائد. فهي لا تُظهر أي تشكيك برواية ناظم المتعلقة بمرضه، التي يؤكد فيها أن السبب الحقيقي لتفاقم وضعه الصحي هو عجز قلبه المتعب عن تحمل ثقل المجنزرات السوفياتية التي قمعت انتفاضة المجر، بعيد رحيل ستالين بفترة وجيزة. كما تتحدث فيرا عن تبرم ناظم العلني من إخضاع الفن للفحوص المخبرية الآيديولوجية، ومن قمع الكتاب المعارضين للفساد البيروقراطي، وكيف عرضهما ذلك معاً للملاحقة الدائمة من قبل المخابرات وأجهزة الأمن. كما آلمها إلى حد بعيد موقف السخرية والاستهجان الذي أظهره سدنة السلطة السياسية وكتابها، إزاء ما كتبه عن زوجته من قصائد الشغف والتتيم، معتبرين أن مثل هذه الرقة المفرطة لا تليق بشاعر مثل ناظم، ينبغي أن يكرس نفسه، في رأيهم، لمجابهة الإمبريالية العالمية و«تخرصات» شعرائها ومثقفيها. غير أن حكمت المثقل بالأعباء، والمنهك جسداً وروحاً، لم يأبه بكل ذلك الابتزاز الدوغمائي، وهو الذي وجد في عشقه لتولياكوفا، ملاذه ومتكأه وضالته الأخيرة. حتى إذا استشرف نهايته الوشيكة، خاطب زوجته بالقول:

سيبقى هذا الفراق ورائي مثل شارع تحت المطر

سأذهب إلى اللامكان ولن يعيدني شيء

لا السفن ولا الطائرات ولا القطارات

لن أرسل الرسائل ولا البرقيات

لن تضحكي برقة عند سماع صوتي عبر الهاتف

وستبقين وحيدة




[ad_2]

Source link

]]>
رحلة كولن ويلسون مع الكتاب https://sanaanow.com/%d8%b1%d8%ad%d9%84%d8%a9-%d9%83%d9%88%d9%84%d9%86-%d9%88%d9%8a%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8/ Wed, 18 Aug 2021 00:35:21 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%b1%d8%ad%d9%84%d8%a9-%d9%83%d9%88%d9%84%d9%86-%d9%88%d9%8a%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8/ [ad_1]

رحلة كولن ويلسون مع الكتاب

حكاية بداية عشقه للقراءة وتجميع الكتب حتى فاضت جدران منزله بها


الأربعاء – 9 محرم 1443 هـ – 18 أغسطس 2021 مـ رقم العدد [
15604]


كولن ويلسون في مكتبه

لطفية الدليمي

صدر حديثاً عن دار المدى العراقية كتاب «الكتب في حياتي»، وهو ترجمة أنجزها المترجم «حسين شوفي» لكتاب بعنوان The Books in My life كان الكاتب والفيلسوف البريطاني الراحل «كولن ويلسون» قد نشره عام 1998.
لن نغالي إذا قلنا إنّ كولن ويلسون هو واحدٌ من أكثر الكتّاب إشكالية في العالم، وفي العالم العربي بالتحديد، لأسباب كثيرة، منها أنه جاء مثالاً مخالفاً للنسق الثقافي الغربي الذي سعى لتكريس رؤية محدّدة بأطرٍ متشدّدة لما يمكن تسميته بالمثقف المؤثر في النطاق العام Public Intellectual. لم يأتِ ويلسون من قلب المؤسسة الأكاديمية البريطانية؛ فهو لم يسعَ للحصول على شهادة أكسفوردية أو كامبردجية تفتحُ أمامه المغاليق المستعصية في دهاليز الإنتلجنسيا البريطانية العنيدة والمثقلة بتقاليد الثقافة الفكتورية؛ لذا جاء كتابه الأول «اللامنتمي» ليكون له وقع الصاعقة في الدوائر الثقافية العالمية، ونال مقروئية واسعة، وبخاصة في عالمنا العربي، وأظنّ أنّ كلّ المثقفين العرب الحقيقيين يذكرون الكيفية التي ساهم بها هذا الكتاب في تشكيل ثقافتهم الأولى في خمسينات القرن العشرين عندما شهدت الوجودية والثورات الشبابية انطلاقتها المتفجّرة.
غالباً ما يُقرن كولن ويلسون مع كتاب اللامنتمي إقراناً شرطياً، وأرى في هذا افتئاتاً كبيراً على القدرات الفكرية والفلسفية الكبيرة التي حازها ويلسون، ويكفي مثالاً هنا أن أشير لحقيقة أنّ كتابه عن «فن الرواية» أراه أفضل كتاب قرأته في نظرية الرواية، وثمة كثير من كتب أخرى له غائبة عن فضاء الثقافة العربية لكونها غير مترجمة إلى العربية، ومنها – على سبيل المثال – كتابه عن «الوجودية الجديدة». إذا وضعنا هذه التفاصيل موضع التمحيص فسنعرف أهمية ترجمة أعمال جديدة لويلسون غير تلك التي تسيّدت الفضاء الثقافي العربي ونمّطت ويلسون في إطار محدّد، وعلى هذا الأساس يمكن تقدير أهمية ترجمة كتاب «الكتب في حياتي» لأنّ ويلسون عُرِف باهتماماته المعرفية المشتبكة والمتداخلة، فضلاً عن قراءاته الحثيثة والمتعددة منذ أن كان شاباً يافعاً؛ ومن الطبيعي أن تمثّل قراءته لبعض الكتب التي شكّلت حياته الثقافية إطلالة على منجزاته الثقافية اللاحقة.
نشأ كولن ويلسون وسط عائلة تنتمي لبيئة عمّالية، ولم يتيسّر له سوى القليل للغاية من التعليم الرسمي؛ غير أنه منذ أن كان طفلاً يافعاً جنح نحو الكلمة المطبوعة التي رأى فيها مَعيناً لن يخذله في استكشاف الأسئلة الإشكالية اللامحدودة التي تجود بها الحياة، وقد ضمّت مكتبة ويلسون نحواً من 20 ألف مجلّد بضمنها مؤلفاته الخاصة.
إن أعمال ويلسون طوال حياته كانت بحثاً دؤوباً في حالات الإدراك العليا، وقد ساهمت بصيرته الرؤيوية وشغفه بالمساءلة والتقصّي المتواصل في حقول الوعي والأدب والفلسفة في بعث روح الاستنارة الملهمة لعقول كثيرة. في كتابه هذا «الكتب في حياتي» يعاود ويلسون مراجعة الكتب التي مثّلت تحدياً جدياً له وساعدته على تشكيل حياته ورؤاه؛ فيبتدئ بالروايات الأساسية التي قرأها بنهمٍ في صباه، ثم يعرّج على «مارك توين» و«آرثر كونان دويل»، وبعدها يبلغ «نيتشه»، «جويس»، «سارتر»، «شو»… إلخ، ويمكننا أن نلمح منذ البدء أن ويلسون قد حمل مبكّراً عبء قراءة الأعمال التي ترمي لتأكيد قدرة المرء على التأثير الإيجابي في حياته وحياة العالم الذي حوله أيضاً وبطريقة مدركة وواعية، ويوفر لنا ويلسون في كتابه هذا القدرة على التدقيق في الكتب التي قرأها وهو يجتاز عتبات الصبا نحو البلوغ والانبثاق كاتباً، ولا ينسى أن ينقل إلينا محتوى السحر المكنون في ماهية تلك الكتب. إن كتاب «الكتب في حياتي» هذا هو نظرة مدهشة ومفعمة بالرؤى للكيفية التي يمكن بها لحياة أثرتها القراءة الجادة والشغوفة أن تشكّل هياكل أفكارنا وقلوبنا وأرواحنا وكلّ ما نعتقد بضرورته وأهميته في هذه الحياة.
يعرف جميع القرّاء أن قراءة الكتب تنطوي على خصال ممتعة تبعث البهجة في القلب، ولعل واحدة من أهم هذه الخصال أن قراءة الكتاب تقود إلى مزيد من القراءة والتنقيب في كتب أخرى فيما يشبه المتسلسلة اللانهائية ؛ وهذا هو ما أراد ويلسون التأكيد عليه بوضوح، وبخاصة في الفصل الخاص بـ«شرلوك هولمز» حيث يصرّح ويلسون أن عُدّته الاستنتاجية في البحث عن الكتب بعد قراءته لكتاب محدّد باتت تشبه وسائل هولمز في الكشف عن الأحجيات، على سبيل المثال تقود قراءة إليوت إلى اكتشاف كل من «هولم» و«الباغافاد غيتا» و«إيرنست هيمنغوي». إن رغبة ويلسون العظيمة في القراءة لم تكن تعرف حدوداً مثلما نتحسّس في قراءتنا لفصول هذا الكتاب، وإن رغبته في تحقيق الذات وتخليق بصمة ذاتية له، إلى جانب تسكين مرجل الأفكار الذي يغلي بداخله، كل هذه الأمور جعلت ويلسون يندفع في قراءة أي كتاب يمكن أن تطاله يداه، وأعتقد اعتقاداً حاسماً أن ويلسون نجح في كتابه هذا بكشف المفاعيل المدهشة للكتب في حياته والطريقة التي دفعته بها لارتقاء الذرى الفكرية التي بلغها لاحقاً وكتب عنها في سلسلة كتبه التي جاوزت 140 كتاباً.
لطالما قيل من قبلُ إننا لسنا سوى نتاج تجاربنا المتراكمة، ومن الطبيعي أن يختصّ الكتاب والقراءة بحيّز مهم في تلك التجارب، وعلى ضوء هذه الفكرة يمكن النظر إلى كتاب «الكتب في حياتي» الذي كتبه الكاتب الراحل كولن ويلسون… يحكي الكاتب في كتابه هذا «الذي يعدّ جزءاً مكملاً لسيرته الذاتية» عن الأعمال التي شكّلت بناءه الذهني وتوجهاته الفلسفية، منذ أن كان صبياً يافعاً وهو المعروف بنهمه المبكر للقراءة، وقد سرد الرجل في الفصل الافتتاحي الأول حكاية بداية عشقه للكتاب وتجميع الكتب حتى فاضت جدران منزله بها وصارت «مصدّات للشمس» على حسب تعبير زوجته!! عانى ويلسون حيرة عظمى بشأن الكتب التي يبتغي الحديث عنها في كتابه هذا، وهي حيرة لا بد عاناها كل من تصدّى لكتابة كتاب يحكي فيه عن الكتب التي أثّرت في بواكير تشكّل حياته الذهنية والمهنية، وتتعاظم الحيرة فيما لو كان الكاتب متفرّغاً للكتابة والكتاب وعالم الأفكار اللصيق بهما، وقد تحسّستُ في غير موضع من الكتاب مدى الحيرة التي ألمّت بالرجل وهو ينتقي الكتب التي شاء الحديث عنها في كتابه هذا، وأظنه اختار في نهاية الأمر نخبة من الكتب التي تشكّل توليفة متباينة سعى من ورائها لجعل القارئ يدرك الطيف الواسع من التخوم المتباينة التي يمكن أن يلامسها؛ وهكذا نقرأ في كتاب ويلسون عن أساطير متخيلة، مثل أسطورة «ويلسون» الذي شغل الناس طويلاً، أو عن أساطير أدبية حقيقية مثل «جويس» أو «برنارد شو» أو «دوستويفسكي» أو «الأخوان هنري ووليم جيمس» أو «سارتر» أو «هيمنغواي»، كما نقرأ عن شخصيات مؤثرة تم تجاهلها بطريقة محزنة للغاية مثل «أرتسيباتشيف»، ويمرّ بنا أيضاً عالم المغامرة الرفيعة وبطلها «جيفري فارنول» الذي يفرد له ويلسون فصلاً في الكتاب… إلخ، ولا ينسى ويلسون أن يخبرنا في سياق قراءاته للكُتّاب عن المواضع التي أثّرت فيه عميقاً أو تلك التي ارتأى أن ينأى بنفسه عنها في بواكير مراهقته؛ لذا يمكن اعتبار كتابه هذا أطروحة نقدية إلى جانب كونه فصولاً مكملة لسيرته الذاتية.
من الطبيعي أن يكون خيار ويلسون للكُتّاب والموضوعات في كتابه هذا مؤسساً على ذائقته الشخصية بالكامل، ولا يمكن أن يخفى على القارئ المدقق نشوة ويلسون وشغفه في تفنيد النزوع السلبي المقترن بالعبثية والعدمية غير المنتجتين واللتين صارتا السمتين الملازمتين لعقود عدة في القرن العشرين، «وبخاصة العقدين الخمسيني والستيني، ومن قبلهما الحقبة اللاحقة للحرب العالمية الأولى»، ولم يدّخر ويلسون جهده في توضيح أساس هذه النزعة السلبية التي نمت جذورها في الفكر الوجودي الوارث لتقاليد الرومانتيكية الأوروبية في القرن التاسع عشر، التي ركّزت المفاهيم الذاتية والأنوية السلبية وجعلتها تستحيل أوهاماً ذهانية خطيرة.
كتاب «الكتب في حياتي» تجربة تبعثُ على السعادة والانتشاء، وبخاصة لدى كلّ من تمرّس في قراءة كولن ويلسون، وأدرك الخفايا الثرية التي تنطوي عليها كتبه، وآملُ أن تكون ترجمة هذا الكتاب دافعاً إضافياً لترجمة كتب ممتازة أخرى له غير معروفة في العالم العربي.



العراق


Art


كتب



[ad_2]

Source link

]]>
العثور على قصائد غير منشورة لفوكنر مع رسوم بخط يده https://sanaanow.com/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%88%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%82%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b4%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%88%d9%83%d9%86%d8%b1-%d9%85%d8%b9-%d8%b1/ Tue, 10 Aug 2021 20:36:42 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ab%d9%88%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%82%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b4%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%88%d9%83%d9%86%d8%b1-%d9%85%d8%b9-%d8%b1/ [ad_1]

الروائي الأميركي وليم فوكنر (1897ــ1962) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1949، عاش حياة غير عادية حفلت بالأحداث، وتنوعت إبداعاته للحد الذي تخطى المألوف، فعبر عن مشاعر الناس الذين عاشوا الهزات التاريخية والكوارث والمخاطر، ورسم صورة حقيقية لإنسان الجنوب الأميركي وهو يكابد صعوبات الحياة.

صدرت في روما مؤخراً، ولأول مرة باللغة الإيطالية، ترجمة لمؤلفاته الشعرية التي ترتقي إلى فترة شبابه ابتداء من عام 1918 إلى 1925. وهذه المجموعة الكبيرة من القصائد غير المنشورة ترافقها مجموعة من التخطيطات التي رسمها الروائي الشاعر في فترة شبابه. والديوان الشعري الكبير عبارة عن مجموعة قصائد حب كتبها فوكنر قبل فترة قصيرة من تركه الشعر نهائياً، وانصرافه للرواية، وكان فوكنر قد أهداها إلى زوجته اللاحقة «إستيلل فرانكلين» حين كانت لا تزال مرتبطة بزوجها الأول.

حمل الديوان عنوان «رؤيا في الربيع» ويضم أكثر من 200 قصيدة، كتبها فوكنر خلال ست سنوات إلى ثماني سنوات، قبل أن يعلن أنه «شاعر فاشل» عندما كان عمره أربعة وعشرين عاماً، بعدها انصب اهتمامه كلياً على النثر.

والمجموعة تعالج مواضيع مثل الحب والموت، المعاناة والوحدة والرغبة، وخلفيتها مشاهد مدينة قاحلة، ومشاهد بحر واهنة. وعلى العموم فالمجموعة اعتبرت تمريناً ذهنياً لنثره اللاحق، في الوقت نفسه اعتبرت عملاً ثانوياً بالنسبة لإنجاز فوكنر الروائي.

وقد جرت الإشارة إلى هذه المجموعة «رؤيا في الربيع» في البيوغرافيا التي ألفها الكاتب جوزيف بلوتز عن فوكنر، لكن قصائد المجموعة ظلت مجهولة لسنوات طويلة.

ويعتقد الدارسون أن فوكنر ربما نقح قصائده، وغير عنوانها، وقدمها إلى دار نشر صغيرة في عام 1923. وحين أخبرته دار النشر بأنها ليست قادرة على طبع المجموعة بدون مساعدة مالية، أجابهم: «إني لا أملك النقود»، لا أستطيع أن أتعهد بالكلفة الأولية للمطبوع، وحين أعادت قراءة بعض القصائد اكتشفت أنها ليست مهمة جداً، ولكن قد تربح الدار كثيراً من شعر محدود الأهمية بسعر دولار و25 سنتاً للمجلد الواحد.

مات فوكنر عام 1962، وامتلكت زوجته المخطوطة حتى وفاتها في عام 1972، وكانت النسخة الأصلية قد اختفت، إلا أن الناقدة جودث.ل. سنسيبار، حصلت قبل سنوات قليلة على نسخة مصورة عنها بين أوراق مختلفة تملكها «جل» ابنة فوكنر، ثم أعدتها الشاعرة سنسيبار للنشر.

وفي الوقت ذاته الذي صدرت فيه المجموعة مع مقدمة بقلم الشاعرة الناقدة سنسيبار بشكل مستقل، صدر أيضاً كتاب فخم عن حياة فوكنر لسنسيبار بعنوان «أصول فن فوكنر».

يقول بلوتز، وهو بروفسور في جامعة ميشغان، «هذان الكتابان يشيران بوضوح إلى أن فوكنر هو قارئ جيد ومتتبع للشعر الحديث. وتحليل جوديث سنسيبار يكشف لنا أن الشعر لدى فوكنر قد هيأه لتطوير نثره، الذي اعتمد على أسلوب الشعر بقوة».

ويرى بلوتز وغيره من دارسي أدب فوكنر أن ما أنجزته الناقدة والشاعرة سنسيبار في بحثها الذي حصلت عليه درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو عام 1980 هو تأسيسها لحلقة بحث سميت باسم فوكنر، لدراسة الشعراء من القرن التاسع عشر أمثال الشاعر كيتس، والشاعر سونبريرن، والشاعر ويتينيسون، إلى القرن العشرين، أمثال كونراد وإليوت.

هناك مجلدان لفوكنر تضمنا قصائده، قد طبعا من قبل، لكن الدارسين يقولون إنهما عوملا باعتبارهما ديوانين من الدرجة الثانية. إلا أن بلوتز يقول إن طبع ونشر «رؤيا في الربيع» مع تحليل سنسيبار أعاد التقييم النقدي لفوكنر كشاعر مرموق.

ويضيف بلوتز قائلاً: «لم يكن فوكنر مقتنعاً بشعره، وبمقدورنا معرفة السبب، ذلك أنه يعتقد أنه من الممكن أن يكون شاعراً معروفاً، ولكن ليس شاعراً من الدرجة الأولى، والمطبوع الشعري الذي تحقق يكشف للجميع نمطاً من التكتيك الشعري لديه أعظم مما كنا نعرف من قبل».

في المقدمة وفي الكتابين اللذين وضعتهما الشاعرة سنسيبار، نوقشت مسألة استخدام فوكنر لـ«بايروت» في الشعر، و«بايروت» هو مهرج ذو قناع يظهر في أعمال العديد من الشعراء، مثل كونراد وإليوت وغيرهما، وهو يعني في «رؤيا في الربيع»، المغزى الرئيسي الذي يتحرك نحوه فوكنر. وكتبت سنسيبار تقول: «إن بايروت يظهر كثيراً في إقليم المسيسبي المتخيل من قبل فوكنر، ليس فقط كجوانب من جنورايس، وجونز ودونالد ومارغريت في رواية (راتب الجندي)، بل أيضاً كأجزاء من كونتين كومبسون في روايته الشهيرة (الصخب والعنف) ورواية (ضوء في آب) و(أبشالوم أبشالوم)».

من أجواء ديوان فوكنر الشعري الكبير نختار قصيدة «رؤيا الربيع»، التي تلقي أضواء على أفكاره وأسلوبه في كتابة القصيدة:

وفي النهاية، وهو يتبع الصوت الذي كان يدوي بداخله

هبط المساء عليه مستقيماً مدهشاً، وهو يتوشح بالظلال اللونية

واتسعت من حوله حلقات الناقوس

وأنزل ناقوساً آخر مثل نجمة في الصمت

فرقد حول نفسه واعتلاه الشرود المؤلم

وقال… هكذا، ثم ارتجف

هو قلبي الهرم الذي تهدم

قلبي المحمي بجسد خاو

قلبي، النبتة، البذرة من الأحداث اليومية

قلبي الذي صاحب الشيب كي يستكين فيه

قد تهدم واضمحل

فها أنذا الباحث

أحتقر العملات من أجل الشراء

فالسلام زاوية تدفع فيها الخطوات المتعبة

سريعة وضعيفة

××××

كانت الأشجار ترمي نفسها بأذرع فضية وأكمام خضراء

بأطراف مشرقة وأغصان

كانت تتحرك بإيقاعات خرساء لألحان قديمة

ومرة أخرى تأتي الوجوه

الراقصون في الحلم يتمايلون أمامه

هادئين… مستسلمين في بحور الهواء المتنافر

أفواه كانت تعيد تلك الألحان التي تسند رعشات الغروب

وفي الخريف تثبت خصلات الشعر

××××××

بزغت من حوله بخفة… أنعشته بالسحر

وضعت هكذا كل حياته في عينيه

تحرك مرة أخرى، فهذا الجمال قد مسه

إنه هادئ، لكنه متعب

القمر يترنح يترنح بنعومة حول رأسه

وقمة الأشجار ترتجف

××××××

وحين سمع قبلة الأوراق… صاح: ها هو، ثم اختفى الحلم

فرفع يديه وتحرك

أراد أن يصرخ، ولكن خرسه مثل الغصون

التي كانت مضغوطة

التصق بها كخيوط العنكبوت… فانشبكت

وصدح الناقوس مرة أخرى

×××××

انتصب بنفسه بعكس صمت تلك الأوراق المتساقطة

بقلبه الفارغ… كان كل شيء لديه…

إلا أنه هرب… فتهدم

طالما أنا… تعذبت في أروقة الضحكات المبهمة

باحثاً عن حلقات الضوء في تلك المحفوظات المظلمة

ماذا سأفعل، وأنا المتعب الوحيد؟




[ad_2]

Source link

]]>
عبلة الرويني تكتب سيرتها مع أمل دنقل على تخوم الشعر https://sanaanow.com/%d8%b9%d8%a8%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d9%8a%d9%86%d9%8a-%d8%aa%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%aa%d9%87%d8%a7-%d9%85%d8%b9-%d8%a3%d9%85%d9%84-%d8%af%d9%86%d9%82%d9%84-%d8%b9%d9%84/ Tue, 03 Aug 2021 23:10:32 +0000 https://www.yemenadab.com/%d8%b9%d8%a8%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d9%8a%d9%86%d9%8a-%d8%aa%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%b3%d9%8a%d8%b1%d8%aa%d9%87%d8%a7-%d9%85%d8%b9-%d8%a3%d9%85%d9%84-%d8%af%d9%86%d9%82%d9%84-%d8%b9%d9%84/ [ad_1]

عبلة الرويني تكتب سيرتها مع أمل دنقل على تخوم الشعر

الافتتان بالشاعر لم يمنعها من الكشف الجريء عن سلوكياته المتناقضة


الأربعاء – 25 ذو الحجة 1442 هـ – 04 أغسطس 2021 مـ رقم العدد [
15590]


أمل دنقل وعبلة الرويني

شوقي بزيع

«فوضوي يحكمه المنطق، صريح وخفي في آن واحد، انفعالي متطرف في جرأة ووضوح، يملأ الأماكن ضجيجاً وصخباً وسخرية وضحكاً ومزاحاً، استعراضي يتيه بنفسه في كبرياء لافت للأنظار، بسيط بساطة طبيعية يخجل معها إذا أطريته وأطريت شعره، صخري شديد الصلابة، لا يخشى شيئاً ولا يعرف الخوف أبداً، ولكن من السهل إيلام قلبه».
بهذه الجمل الاسمية السريعة والمتلاحقة، تستهل عبلة الرويني كتابها «الجنوبي» الذي أصدرته عقب رحيل أمل دنقل بسنتين اثنتين، والذي حرصت فيه على المواءمة الحاذقة بين موجبات الالتزام بالحقيقة المجردة في رسم صورة الزوج المتسمة بالكثير من التناقضات، وبين ما يجيش في صدرها من مشاعر الحب والافتتان بأحد أكثر الشعراء المصريين والعرب فرادة والتحاماً باللغة والحياة. والواقع أن ما أقدمت عليه صاحبة «حكي الطائر» هو أشبه بالمغامرة الصعبة وغير المألوفة، في عالم عربي ينتصر لذكوريته بشكل فج، ويُلزم المرأة بالصمت والتواري والتستر على الحياة، حيث يرتفع في وجه البوح الأنثوي جدار سميك من المحظورات والأعراف الاجتماعية المتوارثة.
لم تكن مثل هذه المحاذير لتغيب بالطبع عن بال الرويني وهي تتصدى لكتابة سيرتها المشتركة مع أمل دنقل. وحيث كان من الأسهل عليها أن تحول علاقتها بالشاعر إلى عمل روائي يتم من خلاله تمويه الشخصيات والاختباء خلف غلالة المتخيل، كما يفعل الكثير من الكتاب العرب، فهي قد انحازت إلى خيار السيرة الذاتية، مؤثرة أن تقدم لقراء الشاعر ومتابعيه، جوانب مهمة من سلوكياته وطباعه وعلاقته بالكتابة، كما من علاقتهما العاطفية الحميمة التي قصفها الموت في الأوج. ومع أن الرويني لا تلتزم في تعقبها لسيرة الزوج الحياد البارد والموضوعية التامة، إلا أنها عملت في المقابل على مجانبة الإنشاء العاطفي والمبالغات المفرطة، بحيث بدا الكتاب برمته أقرب إلى بورتريه مؤثر وبالغ التشويق، لا لشخصية أمل المترعة بالمفارقات فحسب، بل للحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في مصر خلال عقدين ونيف من الزمن.
وفي إطار سعيها إلى رسم بروفايل تقريبي لشخصية أمل دنقل وطباعه ومواقفه، تحرص المؤلفة على الإقرار بأن ليس في سلوك الشاعر ما يشي بنزوعه إلى المهادنة مع الواقع، أو إبرام التسويات والصفقات المربحة على حساب قناعاته ومبادئه. فهو كما تصفه «لا ينتمي للمناطق الرمادية، بل يمقت الحلول الوسط ويحتقر الانفعالات الوسط ويتحدى الطبقات الوسطى. إنه يتلف الألوان جميعها ليظل الأبيض والأسود وحدهما في حياته». وإذ تقر عبلة بأن زوجها الراحل كان يكره البعض إلى درجة نسيان الشخص المزعج والسمج وإلغائه التام، تعترف في الوقت ذاته بالشجارات المتكررة التي كانت تقوم بينهما، لكنها ما تلبث أن تشير، منعاً لسوء الفهم، بأن أمل «يحب إلى درجة أن يمسح دموعي في لحظات الشجار العنيف، وأنا أمزق ثيابه، وأمزقه».
تعترف الرويني من جهة أخرى، أنها كانت تدرك بحدسها كأنثى، كما بوعيها الثقافي والمعرفي، أن الانزلاق في علاقة عاطفية مع شاعر متطلب ومتقلب المزاج مثل أمل دنقل، سيكون أمراً شاقاً وباهظ الكلفة، خصوصاً أنهما قادمان من بيئتين متباينتين تماماً في العادات والتقاليد وطبيعة العيش. فهي الشابة المتحررة من العقد، والمنتمية إلى أسرة ميسورة، وإلى البيئة القاهرية المنفتحة، وهو «الجنوبي» القادم من صعيد مصر، حيث الفقر ووجع العيش والتقاليد الاجتماعية المحافظة. وإذ تشير الكاتبة إلى الخصومات الكثيرة التي واجهها أمل في فترة تألقه الشعري، والناجمة عن مواقفه السياسية الاعتراضية من جهة، وعن سلوكياته العدائية مع خصومه من جهة أخرى، فهي لا تجد غضاضة في إطلاع القراء على أن أحد محرري الجريدة التي تعمل بها قال لها وهي تصر بعناد على إجراء حوار صحافي مع الشاعر «حذار منه، ستجدينه سليط اللسان، شديد القبح، مثل كل الشيوعيين الذين تشمين رائحتهم عن بُعد». ومع ذلك فلم تتردد الرويني في قبول المجازفة، وصولاً إلى تتويج علاقتهما بالزواج، بعد سنتين من الغرام «الشائك». وهي لم تكن بالطبع لتقدم على ذلك، لو لم تكن تتشاطر مع أمل العديد من القواسم المشتركة، كالانتماء اليساري والانحياز إلى الطبقات المقهورة، والهوس بالشعر والكتابة. ومع أن قرارها الصعب بالزواج من شاعر بهذا الحجم لن يكون امتيازاً خالياً من الأعراض الجانبية، إلا أنها قبلت التحدي، وواجهت قدرها بكل ما يتطلبه الأمر من شجاعة وثبات.
ولعل أهم ما في كتاب عبلة الرويني، فضلاً عن رشاقة السرد وانسيابيته، هو حرص المؤلفة على تقديم الحياة والوقائع كما هي في الواقع، لا كما تريد لها أن تكون. فهي تحرص غير مرة على التأكيد بأن العاطفة التي نكنها لأولئك الذين نحبهم، لا تحول دون التزامنا الراسخ بالحقيقة، ولا تعني أبداً تجميل صورتهم أمام الملأ. فنحن إذ نفعل ذلك لا نسيء إلى جوهر الأدب القائم على إماطة اللثام عن المعنى فحسب، بل نسيء في الوقت ذاته إلى العلاقة الإنسانية نفسها، حيث المعيار الأهم للحب متصل بقبول الآخر بحسناته وعيوبه على حد سواء. وانطلاقاً من تلك القناعات، استطاعت عبلة أن تضع سلوكيات أمل في إطارها الصحيح، باحثة عن جذورها الفعلية في تكوينه الشخصي، وفي التقاليد والمفاهيم الاجتماعية التي أحاطت بنشأته وحكمت سلوكياته اللاحقة. فكما منحه انتماؤه إلى الصعيد المصري، الفقير والمكافح، صفات البسالة والكرم والنبل الفروسي والشعور المرهف بالكرامة وإباء النفس، منحه بالمقابل انفعالاته السريعة وغضبه الجامح، ونقمته على السلطة وجشع الطبقات المسيطرة وفسادها التام. كما أن تلك البيئة نفسها هي التي جعلته أقرب إلى الخجل والتحفظ في علاقته بالمرأة، وفي التعبير عن عواطفه نحوها، وهو ما تعبر عنه الرويني بالقول «كان قليل الإفصاح عن مشاعره، وكنت شديدة الإفصاح عنها». لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل إن عبلة تنسب إلى أمل قوله لها «إنه لم يكن يقبل كلمة رقيقة من امرأة، كي لا يضطر إلى مبادلتها بالمثل»، وهو ما يمثل عنده «الضعف الذي لا يُغتفر». كما يذهب صاحب «العهد الآتي» في بوحه القلبي إلى أبعد من ذلك، حين يقول لزوجته في لحظة صدق نادرة «لقد ظللت إلى عهد قريب أخجل من كوني شاعراً، لأن الشاعر يقترن في أذهان الناس بالرقة والنعومة».
إلا أن وجوه التباين أو الانسجام بين شخصيتي عبلة وأمل، لن تلبث أن تتراجع إلى مرتبة ثانوية، بعد أن دخلت حياة الشاعر برمتها في دائرة التهديد. إذ لم تكد تمر شهور تسعة على الزواج، حتى اكتشف الأطباء إصابة الزوج بالسرطان وهو لا يزال في مطلع أربعيناته. وليست المشكلات الزوجية وحدها هي ما سيتراجع إلى الخلف إزاء الهجوم الفظ لشبح الموت، بل ستتراجع معها خصومات كثيرة، ومن بينها السجال المر بينه وبين جيل السبعينات، بخاصة جماعة «إضاءة»، حول معنى الحداثة ومفاهيمها وتمثلاتها المختلفة. وكما تحولت «الغرفة رقم 8»، التي كان أمل يعالج بين جدرانها في معهد السرطان، إلى منجم حقيقي للتخييل ومساءلة الذات والتاريخ، والتنقيب عن كنوز الداخل، فقد باتت في الآن ذاته محجة متواصلة لأصدقاء الشاعر وقرائه ومتابعيه. لا بل إن عدوى الإعجاب بشعر أمل، الذي تحولت قصيدته «الكعكة الحجرية» إلى نشيد يومي لليسار المصري وحركات التغيير، ما لبثت أن أصابت طبيبه المعالج الذي اعتبره «مريضاً تاريخياً» بقدر ما هو شاعر تاريخي، والذي كان يردد كلما دلف إلى غرفته، أبياته المعروفة «أبانا الذي في المباحثِ كيف تموت وأغنية الثورة الأبدية ليست تموتْ».
لقد عملت الرويني كل ما بوسعها لكي توائم بين ما هو شخصي وحميم في علاقتها بأمل دنقل الزوج والإنسان من جهة، وبين ما يتصل بملكاته الشعرية والإبداعية من جهة أخرى. ومع أن الوتيرة العاطفية للعمل السردي الذي تمت كتابته تحت الوطأة القاسية للفقدان، لم تكن تسمح بالمزيد من التقصي النقدي والأسلوبي لتجربة الشاعر، فهي مع ذلك تضيء لنا الكثير من آليات الكتابة لديه، كما من خلفياتها وطقوسها وعناصرها التكوينية. وقد تكون إشارة الكاتبة إلى دور أمل المميز في إعادة الاعتبار للقافية، مقابل إهمال الكثير من الحداثيين لها، هي إحدى أكثر العلامات الفارقة لأعماله المختلفة، التي لم تحل تناظراتها التعبيرية والإيقاعية، دون حفاظها على الرشاقة والصدق والانسياب التلقائي. وإذ ترى المؤلفة وجوهاً عديدة للشبه بين تجربتي السياب وأمل دنقل، بخاصة في معاناتهما القاسية مع المرض، فهي محقة تماماً في مقاربتها لقصائد «الغرفة رقم 8»، حيث أمل يواجه قدره بصلابة نادرة، ولا يقع في وهدة الندب والتفجع السيابي. إنه ينقل المواجهة مع الموت إلى مكان آخر متصل بفساد بذرة الأشياء، وبتحول المصائر وانحلال الأحلام، كما في قصائد «الخيول» و«الطيور» و«الجنوبي»، وصولاً إلى قصيدته المؤثرة «زهور» التي يقيم من خلالها تناظراً في المأساة بين الباقات المقطوفة والجسد الآيل إلى ذبوله: «كل باقة بين إغماءة وإفاقة تتنفس مثلي بالكاد – ثانية ثانية وعلى صدرها حملتْ – راضية اسم قاتلها في بطاقة».
«لا أريد أن أكون زوجة لأسطورة»، قالت الرويني لأمل، بعد أن رأته في أيامه الأخيرة يقتلع بعض أضراسه بكماشة حديدية، ثم يقدم لها واحداً منها، كما لو أنه لم يعد يملك ما يقدمه لها سوى هذا النوع المخيف واليائس من الهدايا. إلا أن كل ما في داخل الزوجة المنكسرة كان يذهب من ناحية ثانية إلى التصديق بأن سيرة أمل وشعره كانا وجهين لأسطورة واحدة، ما زالت فصولها تتجدد عاماً بعد عام في مخيلات المصريين والعرب. والحكاية التي روتها الكاتبة عن صعود أمل متوكئاً على عصاه، إلى منصة الشعر في مهرجان شوقي وحافظ عام 1982، ليقرأ قبل أشهر من رحيله قصيدته الشهيرة «أقوال جديدة عن حرب البسوس»، هي تأكيد إضافي على حضوره الصلب وقوة شكيمته. وقد قُدر لي كمشارك في المهرجان، أن أعاين بشكل مباشر تلك العاصفة من التصفيق التي وُجه بها أمل لدى اعتلائه المنبر، قبل أن يرمي عصاه جانباً، في إعلان رمزي لانتصاره على السرطان. حتى إذا ران على القاعة صمت مطبق ومتشح بالذهول، راح جسد الشاعر المثخن بالطعنات يكتسي ملامح طائر الفينيق، فيما كان صوته الراعد يتكفل بإيصال الأسطورة إلى ذروتها، وهو يُسقط الماضي على الحاضر، ويردد باسم المهلهل المقتول، وصاياه الأخيرة لأخيه كليب المتردد في الثأر لدم أخيه المراق «لا تصالحْ ولو منحوك الذهبْ هل يصير دمي بين عينيكَ ماءً؟ أتنسى ردائي الملطخَ تلبس فوق دمائي ثياباً مطرزة بالقصبْ؟ إنها الحرب، قد تُثقل القلبَ لكن خلْفك عار العربْ لا تصالحْ ولا تتوخ الهربْ».




[ad_2]

Source link

]]>
ولمّا بدا لي منكِ ميلٌ مع العدى https://sanaanow.com/%d9%88%d9%84%d9%85%d9%91%d8%a7-%d8%a8%d8%af%d8%a7-%d9%84%d9%8a-%d9%85%d9%86%d9%83%d9%90-%d9%85%d9%8a%d9%84%d9%8c-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d9%89/ https://sanaanow.com/%d9%88%d9%84%d9%85%d9%91%d8%a7-%d8%a8%d8%af%d8%a7-%d9%84%d9%8a-%d9%85%d9%86%d9%83%d9%90-%d9%85%d9%8a%d9%84%d9%8c-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d9%89/#respond Sat, 10 Jan 2015 13:11:27 +0000 http://www.yemenadab.com/?p=3737
ولمّا بدا لي منكِ ميلٌ مع العدى
سِوايَ ولم يَحْدُثْ سِواكِ بَدِيلُ
صَدَدْتُ كَما صَدَّ الرَّمِيُّ تطاوَلَتْ
به مدّة ُ الأيام وهو قتيلُ

 

المصدر :بوابة الشعراء

]]>
https://sanaanow.com/%d9%88%d9%84%d9%85%d9%91%d8%a7-%d8%a8%d8%af%d8%a7-%d9%84%d9%8a-%d9%85%d9%86%d9%83%d9%90-%d9%85%d9%8a%d9%84%d9%8c-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d9%89/feed/ 0
جَرَيْتُ مَعَ الصِّبَا طَلْقَ العَتِيقِ https://sanaanow.com/%d8%ac%d9%8e%d8%b1%d9%8e%d9%8a%d9%92%d8%aa%d9%8f-%d9%85%d9%8e%d8%b9%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%91%d9%90%d8%a8%d9%8e%d8%a7-%d8%b7%d9%8e%d9%84%d9%92%d9%82%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8e%d8%aa%d9%90/ https://sanaanow.com/%d8%ac%d9%8e%d8%b1%d9%8e%d9%8a%d9%92%d8%aa%d9%8f-%d9%85%d9%8e%d8%b9%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%91%d9%90%d8%a8%d9%8e%d8%a7-%d8%b7%d9%8e%d9%84%d9%92%d9%82%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8e%d8%aa%d9%90/#respond Sat, 10 Jan 2015 00:13:17 +0000 http://www.yemenadab.com/?p=3629 جَرَيْتُ مَعَ الصِّبَا طَلْقَ العَتِيقِ
وَهَانَ عَلَيَّ مَأْثُورُ الفُسُوقِ
وَجَدتُ أَلَذَّ عَارِيَة ِ اللَّيالِي
قِرَانَ النَّغْمِ بالوَتَرِ الخَفُوقِ
وَمُسمِعَة ً إذَا مَا شِئْتُ غَنَّتْ
مَتَى نَزَلَ الأحِبَّة ُ بالعَقِيقِ

 

المصدر:بوابة الشعراء

]]>
https://sanaanow.com/%d8%ac%d9%8e%d8%b1%d9%8e%d9%8a%d9%92%d8%aa%d9%8f-%d9%85%d9%8e%d8%b9%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%91%d9%90%d8%a8%d9%8e%d8%a7-%d8%b7%d9%8e%d9%84%d9%92%d9%82%d9%8e-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8e%d8%aa%d9%90/feed/ 0