ما بالُ عَينِكِ مِنها الدَمعُ مُهراقِ
سَحّاً فَلا عازِبٌ عَنها وَلا راقِ
أَبكي عَلى هالِكٍ أَودى فَأَورَثَني
عِندَ التَفَرُّقِ حُزناً حَرُّهُ باقِ
لَو كانَ يَشفي سَقيماً وَجدُ ذي رَحِمٍ
أَبقى أَخي سالِماً وَجدي وَإِشفاقي
لَو كانَ يُفدى لَكانَ الأَهلُ كُلَّهُمُ
وَما أُثَمِّرُ مِن مالٍ وَأَوراقِ
لَكِن سِهامُ المَنايا مَن تُصِبهُ بِها
لا يَشفِهِ رِفقُ ذي طِبٍّ وَلا راقِ
لَأَبكِيَنَّكَ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ
وَما سَرَيتُ مَعَ الساري عَلى الساقِ
تَبكي عَلَيكَ بُكا ثَكلى مُفَجَّعَةٍ
ما إِن يَجِفَّ لَها مِن ذِكرِهِ ماقي
إِذهَب فَلا يُبعِدَنكَ اللَهُ مِن رَجُلٍ
لاقى الَّذي كُلُّ حَيٍّ بَعدَهُ لاقي
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مُهراقِ
إِذا هَدى الناسُ أَو هَمّوا بِإِطراقِ
إِنّي تُذَكِّرُني صَخراً إِذا سَجَعَت
عَلى الغُصونِ هَتوفٌ ذاتُ أَطواقِ
وَكُلُّ عَبرى تَبيتُ اللَيلَ ساهِرَةً
تَبكي بُكاءَ حَزينِ القَلبِ مُشتاقِ
لا تَكذِبَنَّ فَإِنَّ المَوتَ مُختَرِمٌ
كُلَّ البَرِيَّةِ غَيرَ الواحِدِ الباقي
أَنتَ الفَتى الماجِدُ الحامي حَقيقَتَهُ
تُعطي الجَزيلَ بِوَجهٍ مِنكَ مِشراقِ
وَالعَودَ تُعطي مَعاً وَالنابَ مُكتَنِفاً
وَكُلَّ طِرفٍ إِلى الغاياتِ سَبّاقِ
إِنّي سَأَبكي أَبا حَسّانَ نادِبَةً
ما زِلتُ في كُلِّ إِمساءٍ وَإِشراقِ
]]>