[ad_1]

دي ليانيو: ينبغي معرفة الحياة بكل أشكالها… بهذه الطريقة فقط يمكن كتابة عمل أدبي مهم

الكاتب الإسباني يتحدث عن فتنته بأشعار ابن حزم القرطبي وكتاب «حي بن يقظان»


الثلاثاء – 21 رجب 1443 هـ – 22 فبراير 2022 مـ رقم العدد [
15792]


الكاتب الإسباني إغناثيو دي ليانيو

القاهرة: منى أبو النصر

حول كتابه الأحدث «الفلسفة والسرد»، دار حوار ممتد بين الكاتب الإسباني إغناثيو دي ليانيو ومثقفين عرب، خلال مشاركته الأخيرة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب؛ حيث قرأ فصولاً من الكتاب الذي يجمع بين دفتيه مقاربات بين سرديات ملاحم أدبية خالدة وهوامش فلسفية ونقدية معاصرة. ويتنوع إنتاج دي ليانيو ما بين الفلسفة والأدب وعلوم السياسية والنقد الفني، ويعدّه النقاد أحد أبرز الفلاسفة الإسبان المعاصرين، بجانب فرناندو ساباتير وأديلا كورتينا، وهو أيضاً شاعر وروائي وناقد فني وأكاديمي، قام بتدريس علم الجمال في جامعات إسبانية وأوروبية ويابانية. صدر له 70 كتاباً، من أبرزها «الأديان الآيديولوجية… الديمقراطية، الماركسية، الإسلام»، و«فك شفرة سلفادور دالي»، وينتظر قريباً أول ترجمة لأعماله للغة العربية.
هنا حوار معه على هامش هذه الزيارة حول كتابه الجديد ومشروعه الفكري والأدبي، ونظرته للفنون التشكيلية، وعن الثقافة العربية وآدابها…
> في كتابك «الفلسفة والسرد» جسور ممتدة بين الأدب والتخييل والفلسفة، ما أبرز التساؤلات التي يطرحها هذا الكتاب؟
– قضيت سنوات عمري أكتب القصة والتأملات الفلسفية حول موضوعات متنوعة. إنهما معاً يمثلان بعداً لمسيرتي الفكرية. في قصصي ثمة خلفية فلسفية تمنحها طابعاً خاصاً. وفي تأملاتي الفلسفية لا يغيب ما يمكن اعتباره إبداعاً أدبياً. وفي رأيي؛ إن كانت الفلسفة تطمح إلى معرفة الحياة، فالسرد يطمح لتمثيلها. إنهما بعدان يمكن أن يتكئ أحدهما على الآخر.
> مررت في هذا الكتاب على نسخ أدبية خالدة من قصة الخلق، وملاحم شعرية شرقية كملحمة جلجامش، ويونانية كالأوديسة، كيف تتأمل هذا المشترك الأدبي؟
– كلها ملاحم يجمعها التطلع لتمثيل نماذج بشرية. في الأوديسة، وفي الإلياذة نلاحظ الإنسان ككائن مخلوق من أجل السفر، العيش في منفى، أو الخروج للبحث عن شيء قديم، حتى لمواجهة الموت، وهو ما يتجلى أكثر في الإلياذة. في هذا المضمار يأتي جلجامش، الذي اضطر لمواجهة إنكيدو، الرجل الطبيعي، أو البطل المضاد، ما يفرض البحث عن الخلود. إذا كانت الإلياذة تمثل النموذج الروماني، والأوديسة والإلياذة يمثلان النموذج الإغريقي، وقصيدة جلجامش تستعرض النموذج السومري.
> على ضوء ذلك، هل يبدو لك الأدب رحلة فلسفية؟
– ثمة أعمال عظيمة يلعب فيها السفر دوراً رئيسياً، على سبيل المثال، «دون كيخوتيه» ورواية «الناقد الحاد» لـ«بالتاسار جراثيان». فكرة السفر هذه مترعة بالفلسفة، إنه السفر بحثاً عن المعرفة. في حالتي، يمثل السفر أهمية قصوى. وفي رواياتي الأربع (أركاديا، انحرافات، لعبة صالات الصالات، ضد نهاية القرن) أتناول الرحلة التي تصنع أبطالها.
> هل كانت الكتابات الاستعرابية بوابتك الأولى للعبور إلى ثقافة العالم العربي وآدابه؟
– قرأت أعمال المستعربين الإسبان الكبار، مثل أسين بالاثيوس وجارثيا جوميث، وأعمال مستعربين من بلدان أخرى، مثل لويس ماسينيون. هذه القراءة ساقتني إلى عالم مختلف وإضافي، بدا لي بطريقة ما عالماً حميمياً، إذ سبقتها قراءة فلسفة وشعر كتّاب عرب – إسبان (الشاعر ابن حزم القرطبي، والفيلسوف ابن رشد)، وكانت قراءة استثنائية. أحد الكتب التي فتنتني هو «حي بن يقظان» لابن طفيل. وهو كتاب سابق لـ«الناقد الحاد». كل إسباني يعرف ويقدّر مسجد قرطبة وقصر الحمراء بغرناطة. وثمة عمارة إسبانية مثل «النيو – موديخر» ذات التقليد العربي.
> هل لك إسهامات بحثية في قراءة الثقافة العربية والإسلامية؟
– الإسهام الأساسي كان في كتابي الأول، المنشور عام 1975 وأعادت نشره جامعة غرناطة، وعنوانه «ألعاب الساكرومونتي». يتناول صفائح من الرصاص مكتوبة بحروف عربية، اكتُشفت في نهايات القرن السادس عشر في محيط غرناطة (أو في المنطقة التي سميت بعد ذلك باسم ساكرومونتي). في هذه النصوص الرصاصية ثمة محاولة لدمج المسيحية والإسلام. الجدل الكبير الذي أثارته هذه النصوص كان أحد منابع استلهام «دون كيخوتيه»، كما أشير إلى ذلك في كتابي، وهو كتاب تقوم قصته على التراوح بين السرد والفلسفة.
> ننتظر خلال الفترة المقبلة ترجمة بعض أعمالك إلى اللغة العربية، مثل «الفلسفة والسرد»، و«فك شيفرة دالي»، بالإضافة إلى مختارات شعرية، ما انطباعك حول وصول أعمالك للقارئ العربي؟
– أتمنى أن تكون أعمالاً جيدة، ففي «فك شيفرة دالي» تناولت صداقتي بسلفادور دالي في سرد طويل ومليء بالحوارات. ومنذ سنوات أعطيت محاضرات كثيرة عنه في مختلف المدن المغربية، وتلقاها الجمهور المغربي بترحيب، وكانوا يعرفون أعمال دالي الفنية والأدبية أفضل من بعض الإسبان الذين حضروا لي تلك المحاضرات. أما بالنسبة للشعر، فكان ميلي الأدبي الأول وأظن أنه في عمق كل ما أكتبه. أعتقد أن هذه الأعمال، خاصة «الفلسفة والسرد» ستروق للقارئ العربي؛ حيث سيشعر بالبعد الهندسي والأرابيسكي مطبقاً على الأدب.
> كيف تُطوّع معارفك الأكاديمية في علم الجمال والفلسفة والفن التشكيلي لخدمة مشروعك الإبداعي الحُر في الأدب؟
– منذ طفولتي المبكرة كنت منجذباً للقراءة، وهي عادة ورثتها من أمي التي درست القانون في عقد الثلاثينات من القرن الماضي. والعام الفائت نشرت قصائد كتبتها بين سن الرابعة عشرة والثامنة عشرة. في ذلك العمر كنت أسيراً لرغبة التعرف على الحياة والعالم والشخص، هذا الهدف دفعني نحو الفلسفة. الشيء نفسه حدث لي مع القصة. ثم بدأت البحث في الرموز التي استخدمها الغنوصيون، وموجودة في أصل ألماندالا البوذية. انتهى البحث إلى دراسة تجاوزت 2000 صفحة. أما الفنون التشكيلية فجذبتني كذلك منذ شبابي لأنها ارتبطت بالشعر البصري. على المرء أن يسعى لمعرفة الحياة في كل أشكالها. بهذه الطريقة فحسب يمكن كتابة عمل أدبي هام.
> أنت تكتب الشِعر وتربط القصائد بالفن التشكيلي، حدثنا عن هذه الرابطة ودلالاتها…
بدأت كتابة الشعر التجريبي في خريف عام 1964 عندما كنت في الثامنة عشرة. حينها اتجهت للشعر البصري (المحدد، المكاني، السيميوطيقي). نظمت معارض تضم لوحات فنية مصحوبة بقصائد لأعمال شعراء من 15 بلد في غاليريات مرموقة، مثل غاليري «لا خوانا موردو». من هنا انتقلت إلى شعرية الحدث، التي سميت بعد ذلك باسم «بيرفورمانس» أو الشعر الجماهيري، متنقلاً من شوارع مدريد إلى إيبيزا وبامبلونا. كنت أريد تقديم الشعر للحياة، هذه التجارب تراكمت في روايتَي «انحرافات» و«لعبة صالات الصالات»، وخصصت لها معرضاً كبيراً في متحف الملكة صوفيا الوطني بين عامي 2019 و2020.
> لك كتاب بارز عن سيرة سلفادور دالي، هل كتبته بذاكرة الصداقة التي جمعتك به، أم طرحت من خلاله قراءة بيوغرافية لمراحله الفنية؟
– في كتاب «فك شيفرة دالي» جمعت بعض كتاباتي عن الفنان الإسباني، منذ تعرفت عليه في يوليو (تموز) 1978 في بيته بـكاداكيس. ليس فقط ثمرة لحواراتنا، وإنما أيضاً دراسة حول فنه وشخصه. وفي الكتاب أبرهن على تأثيرات الرسومات العصبية لسانتياغو رامون إي كاخال (فائز بنوبل ومؤسس علم الأعصاب) على تكوين دالي كفنان سوريالي. لقد تعرف عليها حين عاش في مدريد في منتصف العشرينات.
> حدثنا عن ملامح عملك ضمن اللجنة العلمية لاختيار الأعمال التشكيلية للفن المعاصر، في متحف الملكة صوفيا مدريد.
– لست عضواً في اللجنة العلمية للمعرض، وإن كان كثير من الأعضاء، ومن بينهم مدير متحف الملكة صوفيا، أصدقاء مقربين لي، ونتبادل بالتالي الآراء كلما طلبوها مني.
> تبرعت بجانب من أرشيفك الشخصي ضمن أحد المعارض بالمتحف، ما بين خطابات وكتابات في المجالات الشعرية والفلسفية والأكاديمية، كيف ترى فكرة تبرع الكُتاب بأرشيفاتهم، وقيمتها الأدبية والمعنوية؟
– تبرعت، قبل أي شيء، بأعمال الشعر التجريبي، ولوحات الفن الجيوميتري – البنائي، وبعض الوثائق التي يرجع تاريخها من 1965 إلى 1975. رأيت أن متحف الملكة صوفيا يهتم بالاحتفاظ بها، وأني بهذه الطريقة يمكنني نشر المعرفة بأعمال هامة وبمرحلة فاصلة في الطليعة بين الدارسين والجمهور بشكل عام.
> بعد 8 قرون من الاختلاط بين الثقافتين العربية والإسبانية، وتجليات الأثر العربي على مدار هذا التاريخ، كيف ترى حضور الثقافة العربية في إسبانيا اليوم؟ هل هناك اهتمام باقتفاء أثر تلك الثقافة؟
– دائماً ما كنت محاطاً بأصدقاء مستعربين وبأشخاص على اطلاع جيد بالإرث الثقافي العربي. رحلتي الأولى للعالم العربي قمت بها وأنا في الثانية والعشرين، في صيف 1967. لقد تجولت في أغلب مدن المغرب. وكانت فاس أكثر مدينة أبهرتني. ما زلت أحتفظ بصور من هذه الرحلة، وكنت برفقة صديق إسباني وآخر فرنسي. ثم سافرت لألقي محاضرات في الجزائر وتونس والأردن وسوريا ولبنان وتركيا. واستمتعت كثيراً بمعرفة مدن وآثار. أعتقد أن الإسبان، بشكل عام، وأبناء الجنوب بالتحديد، يشعرون بألفة كبيرة مع العالم العربي. لا شيء أهم من التقارب المتبادل والإخاء.



Art



[ad_2]

Source link

من sanaanow