إستطاعت الشاعرة الإيرانية ” ساناز داودزاده فر” أن تغوص بحروفها في عمق مأساتنا العربية في ديوانها “أمشي على حروف ميتة “وتنقل بإحساسها الدافئ وشعورها الصادق تفاعل المواطن الإيراني مع الأحداث الدامية التي تدور رحاها على أرض الشرق الأوسط مستعملة عبارات مؤثرة جدا توحي بالألم الذي حفرته جرائم الحروب في النفس الإنسانية مهما كان موطنها وديانتها وعقيدتها وإنتمائها الإيديولوجي بعيدا عن العرقية والطائفية والزعامات والنعارات السياسية …. ففي ديوانها هذا “أمشي على حروف ميتة ” المترجم إلى العربية إستطاعت سانزاد أن ترسم لنا صورة حسية لواقع الحبيبة التي فقدت حبيبها وحالت بينها وبينه الحدود ، والزوجة التي قتل زوجها في الحرب وبقيت وحيدة دون رفيق ولا أنيس ولا معين ….والثكلى التي فقدت أبناءها جراء إنفجارقنبلة، أوسقوط صاروخ ،أو برصاصة طائشة … تفاعلت الشاعرة مع كل هذا بحسها الإنساني الرائع وبشاعرية قلما نلمسها عند غيرها من الشعراء الأجانب الذين يكتبون بغير الخط العربي نظرا لبعد إنتمائهم إلى هذه الأمة التي يتصارع أبناؤها ويتقاتلون بكل همجية لم نجد لها نظيرا على مر التاريخ رغم بعدها عن مسرح الأحداث إلا أنها إستطاعت أن توظف خيالها الشعري وتستغله للمصلحة الإنسانية ،فتضرب لنا مثلا رائعا … وكأنها تخاطب الأمة العربية لتقول لها ..”لستم أنتم وحدكم من يتألم ويبكي ويحس بهذه الفواجع المؤلمة التي تدور رحاها على أرض الشرق الأوسط ،ويتجرع كؤوس مرارتها ،بل هناك من يتألم لآلمكم ويحس بأحاسيسكم ، ويفجع بفواجعكم …نحن الإيرانيون أيضاً نشارككم كل هذه المآسي بل العالم كله ،لإن الأخوة الإنسانية لا تعترف بالفوارق والحدود،ولا تفرق بينها اللغات والمعتقدات … “فكلنا لآدم وآدم من تراب ” … وقد وظفت الشاعرة في ديوانها كما هائلا من الأحاسيس والعواطف الإنسانية التي تشد القارئ وتبحر به في عالم المآسي التي خلفتها الحروب خاصة في الشرق الأوسط ،أين أصبح خبر الموت يزف في كل لحظة وحين ،وأضحت التفجيرات والقنابل جزء عاديا من حياة الإنسان ، وقد ترجم هذا الديوان إلى اللغة العربية ولقي رواجا كبيرا وسط القراء ،كما نال إهتمام العديد من النقاد ،نظرا لجرؤة الشاعرة وتحديها للنظام ومحاولتها لكسر بعض الحواجز الطائفية والعقائدية التي تمليها السياسة داخل الجمهورية الإيرانية. إما من حيث الجانب اللغوي فنلمس في قصائدها تدفقا هائلا للكلمات الموسيقية كالسيل الهادر ،في سلسلة متناغمة لا تنقطع إلا بانقطاع القارئ والمتلقي عن القراءة أو الإستماع لها ،وقد زادها المترجم “محمود حلمي “لذة ومتعة لما لديه من خبرة وتجربة في هذا المجال ….

الشاعرة الإيرانية “ساناز داودزاده فر”عاشت ويلات الغربة وتجرعت كؤوس مرارتها فبكت عيناها ألما  وأسقطت دمعا أسودا على الأوراق نتاجه هذا الديوان الذي صاغت له “أمشي على حروف ميتة”ضمنته عدة قصائد من وحي تجربتها الشعرية صورتف فيها الحب بأحاسيس صادقة بعضهاعاشته والبعض الآخرمن وحي خيالها وعمق شاعريتها الواسعة ،ولم تكتفي بتدوين قصائد الحب والعشق فقط، وإنما تعدى خيالها إلى السياسة والحروب والصراعات الإنسانية بشتى أنواعها المتشابكة ، كما حلمت بالحرية والسعادة وجمال الطبيعة ورونقها في بعض القصائد ،إلا أن سمة الحزن تكاد تطغى على جميع  قصائدها….

من sanaanow