الشاعر الذي “فرّ من قفص” الموت (محمد عبسي)

وليس لي أصدقاءٌ
ليس لي وطنٌ
إلا الكلام وصوتي سوف ينتشر ُ

وسوف أنجو لأني صادقٌ أبدا
وإن هزمتُ فيوما ما سأنتصرُ

#شعر الصحفي الجميل قتيل الوطن مسموما محمد عبده العبسي
رحمة المولى تغشاك
هكذا يختم الشاعر حياته بهذا العزاء… .
تغدو الحياة جرحا مثخنا بأسراب الكآبة على عاتق القلب الشاعر الإنسان الذي يشاهد وطنه يتمزق تحت بربرية الحرب وأطرافها الظلاميين دعاة الجرم والموت والعبث
في هذه الظروف الحالكة التي نشاهد فيه الوطن محمولا بكفن كبير اسمه الحرب التي زرعها كل دعاة الفتن يرحل الشاعر الصحفي محمد عبسي تاركا وراءه الوطن مفتوحا على شوارع الحزن الأبدية حاملا عزاءه الأزلي على عاتقه إلى هناك المكان الآخر الذي ذهب إليه أناس آخرون ولم يعودوا بعد… كنت أيها الشاعر تبحث عن النجاة لك وها هي جاءت النهاية قبل أن ينجو وطنك المجروح من الوريد إلى الوريد.
هل كنت تشير في شعريّتك إلى النجاة من هذه الحياة التي لم تعد تطاق بين كل مصاصي الدماء وتجار الموت الذين غدوا مسوخا بشرية؟ هل كنت ترمي بشعرك إلى أنك ستغادرنا إلى المحطة الأبدية دون رجعة؟ هل فقدت العزاء من كل قريب حين غدوت بلا وطنٍ ولا صاحبٍ ولا صديقٍ سوى كلامك الذي وقف في وجه كل المفسدين دون خوف؟ ففضلت الرحلة الأبدية ملاذا من هذا العبث الذي مزق الإنسانية بخناجر البغض والكره والعنصرية تحت راية الإسلام!
حين صدحت بصوت الغربة الذي خيم على كل جهاتك بوحشته فإذا بك لم تجد صديقا ولا حبيبا ولا وطنا ( ليس لي أصدقاءٌ
ليس لي وطنٌ ) كان الموت الصديق الرحيم من كل هذا العبث. فقررت معانقته.
حين سمعتُ بفاجعةِ موتكَ يا صديقي ذهبتُ أتصفح صوركَ عبر موقعكَ لعلي أرى صوتَ الحياة ينبعث من جديد من ثنايا طلتك البهية التي كانت تحمل حلما واعدا خذله الموت.
إني أحسُّ بمعاناتك ومعاناة الوطن كله التي حملناها ونحملها معا… بالمأساة التي تقف خنجرا في كل الجهات..حيث الظلم البغي التزيف الخداع الدجل العنصرية الطائفية الكذب التشريد الفقر الجوع المرض الموت…
والأكبر من ذلك السياسيون الظلاميون الذين يسوقون الوطن إلى الهاوية وجنون العبث.
نعم إنه العبث عبث الوحوش الذين خرجوا من قفص البشرية عبث المسوخ البربرية التي هتكت كل معنى لطيف عبث النكاية عبث الجنون والجهل والظلام واللامنطق.
منطق اللاحياة .. منطق الحياة التي فقدت كل معنى وكل قيمة الحياة التي سلبوها عذريتها وحيوتها الحياة التي لطخوها بجرمهم وظلمهم الحياة التي استحالت إلى عزاء دامس.


عماد البريهي

من sanaanow