بَينَ العَقيقِ وَبَينَ بُرقَةِ ثَهمَدِ


بَينَ العَقيقِ وَبَينَ بُرقَةِ ثَهمَدِ
طَلَلٌ لِعَبلَة مُستَهِلُّ المَعهَدِ
يا مَسرَحَ الآرامِ في وادي الحِمى
هَل فيكَ ذو شَجَنٍ يَروحُ وَيَغتَدي
في أَيمَنِ العَلَمينِ دَرسُ مَعالِمٍ
أَوهى بِها جَلَدي وَبانَ تَجَلُّدي
مِن كُلِّ فاتِنَةٍ تَلَفَّتَ جيدُها
مَرَحاً كَسالِفَةِ الغَزالِ الأَغيَدِ
يا عَبلَ كَم يُشجى فُؤادي بِالنَوى
وَيَروعُني صَوتُ الغُرابِ الأَسوَدِ
كَيفَ السَلُوُّ وَما سَمِعتُ حَمائِماً
يَندُبنَ إِلّا كُنتُ أَوَّلَ مُنشِدِ
وَلَقَد حَبَستُ الدَمعَ لا بُخلاً بِهِ
يَومَ الوَداعِ عَلى رُسومِ المَعهَدِ
وَسَأَلتُ طَيرَ الدَوحِ كَم مِثلي شَجا
بِأَنينِهِ وَحَنينِهِ المُتَرَدِّدِ
نادَيتُهُ وَمَدامِعي مُنهَلَّةٌ
أَينَ الخَلِيُّ مِنَ الشَجِيِّ المُكمَدِ
لَو كُنتَ مِثلي ما لَبِثتَ مَلاوَةٌ
وَهَتَفتَ في غُصنِ النَقا المُتَأَوِّدِ
رَفَعوا القِبابَ عَلى وُجوهٍ أَشرَقَت
فيها فَغَيَّبتِ السُها في الفَرقَدِ
وَاِستَوكَفوا ماءَ العُيونِ بِأَعيُنٍ
مَكحولَةٍ بِالسِحرِ لا بِالإِثمِدِ
وَالشَمسُ بَينَ مُضَرَّجٍ وَمُبَلَّجٍ
وَالغُصنُ بَينَ مُوَشَّحٍ وَمُقَلَّدِ
يَطلُعنَ بَينَ سَوالِفٍ وَمَعاطِفٍ
وَقَلائِدٍ مِن لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ
قالوا اللِقاءَ غَداً بِمُنعَرَجِ اللِوى
وَأَطولَ شَوقِ المُستَهامِ إِلى غَدِ
وَتَخالُ أَنفاسي إِذا رَدَّدتُها
بَينَ الطُلولِ مَحَت نُقوشَ المِبرَدِ
وَتَنوفَةٍ مَجهولَةٍ قَد خُضتُها
بِسِنانِ رُمحٍ نارُهُ لَم تَخمُدِ
باكَرتُها في فِتيَةٍ عَبسِيَّةٍ
مِن كُلِّ أَروَعِ في الكَريهَةِ أَصيَدِ
وَتَرى بِها الراياتِ تَخفُقُ وَالقَنا
وَتَرى العَجاجَ كَمِثلِ بَحرٍ مُزبِدِ
فَهُناكَ تَنظُرُ آلُ عَبسٍ مَوقِفي
وَالخَيلُ تَعثَرُ بِالوَشيجِ الأَملَدِ
وَبَوارِقُ البيضِ الرِقاقِ لَوامِعٌ
في عارِضٍ مِثلِ الغَمامَ المُرعِدِ
وَذَوابِلُ السُمرُ الرِقاقِ كَأَنَّها
تَحتَ القَتامِ نُجومِ لَيلٍ أَسوَدِ
وَحَوافِرُ الخَيلِ العِناقِ عَلى الصَفا
مِثلُ الصَواعِقِ في قِفارِ الفَدفَدِ
باشَرتُ مَوكِبَها وَخُضتُ غُبارَها
أَطفَأتُ جَمرَ لَهيبِها المُتَوَقِّدِ
وَكَرَرتُ وَالأَبطالُ بَينَ تَصادُمٍ
وَتَهاجُمٍ وَتَحَزُّبٍ وَتَشَدُّدِ
وَفَوارِسُ الهَيجاءِ بَينَ مُمانِعٍ
وَمُدافِعٍ وَمُخادِعٍ وَمُعَربِدِ
وَالبيضُ تَلمَعُ وَالرِماحُ عَواسِلٌ
وَالقَومُ بَينَ مُجَدَّلٍ وَمُقَيَّدِ
وَمُوَسَّدٍ تَحتَ التُرابِ وَغَيرُهُ
فَوقَ التُرابِ يَئِنُّ غَيرَ مُوَسَّدِ
وَالجَوُّ أَقتَمُ وَالنُجومُ مُضيئَةٌ
وَالأُفقُ مُغبَرُّ العَنانِ الأَربَدِ
أَقحَمتُ مُهري تَحتَ ظِلِّ عَجاجَةٍ
بِسِنانِ رُمحٍ ذابِلٍ وَمُهَنَّدِ
وَرَغَمتُ أَنفَ الحاسِدينَ بِسَطوَتي
فَغَدَوا لَها مِن راكِعينَ وَسُجَّدِ

  المصدر : بوابة الشعراء

 

من sanaanow

اترك تعليقاً