[ad_1]

ردود: من هو الشاعر الثوري حقاً؟

رد على مقال «الشعراء الثوريون… الآيدولوجيا وندم المشيب»


الأحد – 26 رجب 1443 هـ – 27 فبراير 2022 مـ رقم العدد [
15797]


سهيل كبة

في ثقافية جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 8 – 2 – 2022 كتب د. عارف الساعدي مقالاً بعنوان «الشعراء الثوريون…. الآيديولوجيا وندم المشيب»…
ويثير المقال المذكور كثيراً من الإشكاليات، كما أنه يحتوي على عدة مغالطات.
أولاً، لم يعرف لنا الكاتب ما يعنيه بالشاعر الثوري لكي تتوفر الجدية بالتوصيف، وإلا عُد الأمر من باب السخرية والتهكم. وبالطبع، هو حر فيما يستنتج، وما يريد أن يصل إليه. ولكن هو الشاعر الثوري؟ الأمر يحتاج إلى تحديد، بالرغم من أنه ليس من اليسير الوصول إلى هذا التحديد أيضاً. ليس كل من ذكرهم الساعدي من الشعراء ثوريين. ومن الممكن وصفهم بأوصاف أخرى: شاعر وطني مثلاً… شاعر قومي… إسلامي… شاعر غزلي… إلى آخره من عشرات النعوت.
منذ العنوان «ندم المشيب»، يسوق الكاتب الدفة نحو الغاية، وكأنه يريد أن «يجهز» على المبدئية وصلابة الموقف ومقارعة الطغاة والاصطفاف مع الشعوب، وليعلن إفلاس فرسانها بناء على المآلات الحياتية الأخيرة لأولئك الفرسان انطلاقاً من الوضع الصحي للشاعر مظفر النواب… فهل تصح هذه المعادلة؟
إذا كان شاعرنا مظفر النواب في حالة غيبوبة تامة، كما وصف العارف نفسه، أي لا إرادة عضوية ولا ذهنية له في الوضع الذي هو فيه، هل يصح أن نبني على ذلك خطأ مسيرته الثورية وصلابة مواقفه المبدئية.
ما يلقاه النواب من رعاية صحية في حالته المرضية؛ هو فعل حميد وكريم ونبيل، ولكنه فعل شخصي، ولا يجدر أن نسحبه إلى معترك الفكر والسياسة، وفي ضوئه نرجح ونقبح ونزكي أو نعري ونؤسس عليه – قسراً – نتائج لا يقبلها ذو منطق سليم وطوية نقية.
كان السياب يهاجم عبد الكريم قاسم، لكنه أرسله للعلاج في الخارج، هل نقيم هذا الحاكم ومواقفه السياسية في ضوء هذا الفعل الشخصي، وهو عمل يمكن أن يتعهد به أي موسر من محبي الشاعر. وفعلاً هذا ما قام به الشاعر الكويتي النبيل علي السبتي، في علاج السياب في الكويت حتى وفاته وتكفله بنقل جثمانه إلى البصرة. لا ينبغي وضع الأمر بغير الإطار الإنساني المحض.
أما الإشارة المبطنة لعدم نيل الشاعر «جائزة القدس»، مع أنه ظل طوال عمره يدافع عن فلسطين، فهو رأي مردود أيضاً، فلا يمكن أن يقاس على الجوائز أي شيء؛ والأمر متعلق بقناعات لجانها، وهي ليست قطعية في أي تقييم.
النواب لم يكتب شعره عنها لنيل جائزة، فجائزته ما أقر به الساعدي نفسه (بقيت الشعوب تردد قصائده).
ثم، لماذا التقافز على الحقائق التاريخية للوصول العاجل إلى إدانة كل «الثوريين العرب»، ومنهم الشيوعيون العراقيون، في قول الكاتب: «انطلقوا إلى أوروبا الرأسمالية دون أن يفكروا في الاتحاد السوفياتي الاشتراكي أو أوروبا الشرقية الاشتراكية». والحقيقة، أن الشيوعيين العراقيين لم يذهبوا إلى أوروبا الرأسمالية بعد الهجمة الصدامية أواخر سبعينيات القرن الماضي، بل ذهبوا إلى بلد فقير هو جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بلد يشاطرهم فكرهم، فآواهم، ووفر لهم الحياة الكريمة، على الرغم مما كان يتعرض له من ضغوط من قبل نظام صدام… وبعد التغييرات التي حصلت باندماج اليمنين انتقل الشيوعيون الناجون من (نيران العراق وجحيمه) – على رأيه – إلى البلدان الاشتراكية وإلى لبنان وإلى الجزائر. وفي لبنان قاتلوا مع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وقدموا شهداء أعزاء، منهم الشاعر الشيوعي المعروف ذياب كزار (أبو سرحان) الذي غنى أشعاره أشهر المطربين العراقيين. ثم، قبل هذا وذاك، أسس الشيوعيون العراقيون حركة «الأنصار» المسلحة في كردستان العراق، وخاضوا معارك ضارية ضد قوات النظام الصدامي، وألحقوا الهزائم بها كما في معارك بهدينان وقرداغ وكرميان، وسيطرتهم على مطار بامرني عدة مرات، وكذلك الطريق الدولي بعد معركة بهدينان الشهيرة. والتحق بهذه الحركة أعداد غفيرة ممن كانوا يعيشون في أوروبا وفي بلدان عربية مثل الجزائر ولبنان وسوريا، واستشهد كثير منهم، وبينهم عدد من المثقفين والكتاب والشعراء.
ولكن بعد الزلزال الذي حصل بعد انهيار ما كان يُسمى الاتحاد السوفياتي – ومن ثم المعسكر الاشتراكي بكامله – وتغيرت كل المعادلات… أين يولي الثوريون وجوههم؟
إن نشدان الحرية الموفورة في البلدان الاستعمارية لا يعني القبول بفكرة الاستعمار، ثم إن النظام الديمقراطي الحر في الغرب ليس ملك الدوائر الإمبريالية، ولا هو من صنعها، بل هو ما أسسه نضال شعوبه عبر تاريخها الطويل؛ ونضال ثوريي الغرب هو ملك للإنسانية، وهو المثال الذي يكافح من أجل تحقيقه ثوريو الشرق في بلدانهم، وهم ليسوا رافضين له، بل هم رافضون لسياسة الدوائر الاستعمارية ضد بلدانهم.
ثم، يسوق الساعدي أمثلة هامشية عارضة في حياة بعض الأدباء، ليؤسس عليها ما لا تحتمله من نتائج؛ كطلب كل من الرصافي والزهاوي أن يكونا شاعرين للملك فيصل الأول، وهو من تقاليد البلاط البريطاني الذي يسير على هديه النظام الملكي في العراق، لعلها دعوة لإرساء التقليد (البلاطي). ولقد أورد الساعدي نفسه ما يزكي الملك ودفاعه عن نفسه راداً تهم الرصافي. ومن الأمثلة العارضة والهامشية ما ذكره الساعدي من ندم الجواهري على هجائه الملك فيصل الأول، وندم الناقد مالك المطلبي لسجاله مع الدكتور الطاهر في جلسة خاصة! لكن ما هي علاقة الاختلاف بين ناقدين بالثورية والآيديولوجية والتراجع عنهما؟!
* كاتب عراقي



العراق


Art



[ad_2]

Source link

من sanaanow