في اليوم العالمي للغة العربية

..

(هَلِ اقتَحَمتَ؟ وَهَل خُضتَ الغِمارَ؟ وَهَل
مِثلي انهَزَمتَ؟ وَمِن عَينَيكَ دَمعُكَ هَلْ؟)
*
قالَتْ, فَساقَطَتِ الآهاتِ دالِيَةٌ
كَجِذعِ صَبرٍ- بِكَفِّ الهَمِّ- هُزَّ, فَدَلْ
*
كَسِندِيانَةِ ضَوءٍ أَطرَقَتْ, فَهَوى
إِشعاعُها في ضَميري, فانصَعَقتُ, فَشَلْ
*
مُذ ساءَلَتنِيَ؛ جُرحُ الشِّعرِ قافِيَةٌ
تَضري دَمًا مِن شَرايِينِ الحُروفِ هَطَلْ
*
وَهَبتُ عُمرِيَ مَندِيلًا لِدَمعَتِها
وَهِمتُ أَطبَعُ في خَدِّ البَهاءِ قُبَلْ
*
أَهَذِهِ الأُمُّ نَجزيها الجُحُودَ؟! وَقَد
أَعَزَّها اللَّهُ بِالقُرآنِ مُنذُ نَزَلْ
*
أَنَستَمِدُّ قُوانا مِـــ…ــــالتي صَمَدَتْ؟!
وَلا نَشُدُّ غَدًا ماضِيهُ عَنهُ ذَهَلْ؟!
*
قُلتُ:(ارفَقي بِي, فَما آنَستُ مِن قَبَسٍ
إِلَّا بِطُورِكِ, فالآمالُ نُورُ شُعَلْ
*
قَد سِرتُ- نَحوَكِ- أُمنِيَّاتُ بُوصَلَتي
عُكَّازُ حُلمِيَ, وَاتَّبَّعتُ خَيطَ أَمَلْ
*
حَتَّى استَوَيتُ عَلى جُودِيِّ نَهضَةِ ما
أَرضَعتِنِيهِ كَلامًا لِلكَمالِ وَصَلْ
*
يَقطِينَةٌ- في ظَلامِ السَّاحِلِ- انبَثَقَتْ
بِنُورِ وَجهِكِ, فاستَهدَيتُ فِيهِ, فَدَلْ
*
أَلقَتْ عَلَيَّ قَمِيصًا مِن فَصاحَتِها
وَفاوَلَتنِيَ مِنْ دَنِّ الخُلُودِ, فَعَلْ
*
بَردُ الشَّرابِ تَراءَى خَلفَ مُغتَسَلٍ
ضَرَبتُ نَحوَهُ فِلْذاتِ الغَلِيلِ, فَبَلْ
*
بِكِ اعتَكَفتُ, وَما أَدمَنتُ صَومَعَةً
إِلَّاكِ- أَنتِ- وَلا أَغرى صِيامِيَ طَلْ
*
أَراكِ- لا مِثلَما تَبدِينَ- راسِخَةً
تُقاوِمِينَ إِذا انهارَ الوَرى, وَجَهَلْ
*
تَجَذَّرِينَ- بِرَغمِ الرِّيحِ- صامِدَةً
وَتَشمَخِينَ إِذا عَصفُ الهَوانِ أَطَلْ
*
إِذا تَقَوَّلَتِ اللَّهجاتُ, صِحتِ بِــ:(لا)
وَلِلفَصِيحِ إِذا ما قالَ, صِحتِ:(أَجَلْ)
*
كُلُّ اللُّغاتِ إِلى شَطَّيكِ وارِدَةٌ
كَأَنَّها النَّحلُ, بَينا أَنتِ قُرصُ عَسَلْ!
*
تَرِفُّ- حَولَكِ- سِربًا مِن فَراشِ رُؤَى
لِتَستَقِرَّ- عَلى المِشكاةِ- دُونَ وَجَلْ
*
في كُلِّ مَجمَعِ عِلمٍ- مِن بَنِيكِ- يَدٌ
تَذُودُ عَنكِ بِعَزمٍ لَم يَنَلْهُ كَسَلْ
*
فَلْتَمدُدي لَهُمُ الحَبلَ المَتِينَ, فَكُلْـــ
ــــلُهُم لِخَيطِ الشُّعاعِ الأَنوَرِيِّ فَتَلْ
*
لا تَوجَلِي, فَلِسانُ اللَّغوِ مُنقَطِعٌ
بِقُدرَةِ اللَّهِ, مَهما غالَ- ذاكِ- وَغَلْ
*
وَلا تَلُومِي, فإِنَّ اللَّومَ زَلزَلَةٌ
وَالصَّفحَ طَبعٌ جَلِيلٌ, وَالوِدادَ أَجَلْ
*
جِدِّي؛ استَعِدِّي؛ استَبِدِّي؛ استَنطِقِي شَفَتِي
وَجَدِّدِي مَنطِقَ الأَجيالِ, دُونَ خَجَلْ
*
قُومِي استَحِمِّي بِماءِ الشِّعرِ؛ لامِيَتِي
رَوُيُّها الأُقحُوانِيُّ اندِفاقُ مُقَلْ
*
يا نَخلَةَ اللَّهِ في إِعجازِ جَنَّتِهِ
وَمَنطِقًا شَمَلَ الإِيجازَ فِيمَ شَمَلْ
*
نَهجُ البَلاغَةِ- في التَّعبِيرِ- سَمتُكِ في
نَسجِ الصِّياغَةِ إِتقانًا لِكُلِّ حُلَلْ
*
وَدُرُّ لَفظِكِ كَنزٌ لا نَظِيرَ لَهُ
بُرهانُ حُجَّتِهِ “الفُرقانُ” دُونَ خَلَلْ
*
إِرثُ الفَصِيحِ لِواءٌ, وَالوَفاءُ لَهُ
أَصالَةَ الصَّولَجانِ السَّرمَدِيِّ عَقَلْ
*
حَمَلتِهِ؛ وَعُيُونُ اللَّهِ حارِسَةٌ
وَقَد تَعَهَّدَ مَن لَو قالَ:(دُمتِ), فَعَلْ
*
فامضِي- عَلى بَرَكاتٍ مِنهُ- دَربَكِ, مَن
أَرادَ ذُلَّكِ- مَهما عَزَّ- دُونَكِ ذَلْ
*
وَلْتَصبِرِي كُلَّما أُوذِيتِ؛ زِدتِ هُدَى
وَخارَ- خَلفَكِ- مَشَّاءُ الضَّلالِ, وَمَلْ
*
سَيفًا مَضَيتِ عَلى الشُّذَّاذِ نَصلَتُهُ
فَجَلَّ صانِعُكِ الخَلَّاقُ حَيثُ صَقَلْ)

 

شعر د. عمر هزاع

من sanaanow