شجر الكلام


تشتجر اللغة
تُساقط ترميزاتها
تُصرع مفرداتها
يتوه معنى المعنى !!!…
يفقد الكلام دلالاته
تتسع العبارة
تضيق الرؤية !!!؟…
تتوارى
تغيب
يموت الفعل الماضي
و يحضر فعل الأمر
و يبقى الفعل المضارع شاهداً
* * *
كنت أخاف اللغة
حينما تستعر النار القصية تحت الرماد !!!؟…
تتوالد أصوات اللغة في الليل البهيم
كأنها وحش خرافي
يلتهم الكائنات
ينتصب طيف من الزمن الغابر
يستعيد مخايل العصر التليد
تؤرق الأشجار
تصحو الروح الندية
تطرد الوهن
تجاور البحر
ترقص على أنغام صوته العميق !!…
* * *
هل رؤية الأصداء ممكنة ؟؟…
كيف يفتي الناظم في الشعر ؟…
متى يجرؤ حارس اللغة على الإفصاح ؟!؟….
أي البحار نعبر ؟…
أتجاسر على خرق الإيهام ؟!…
* * *
تستدرجني مضارب القبيلة
تنصب فخاخها
تتصيد ولعي ب ( سيبويه )
تحفني بالجناس و المحسنات اللفظية
أتحرى الدقة في مواقع المفردة من الجملة !!؟…
أنحت من بنية الألفاظ دلالاتها الحوشية !!!؟؟…
يستهويني المجاز
تغمرني اللغة بفنون القول
أتجرع كؤوساً مترعةً
إمتلك ناصية ناصيتها
صرتُ مغواراً
لا يُشق له غبار
ناطحتُ الغرماء
نافحتهم
كنت مفرداً
صنديداً
يسندني نص
مأخوذاً بسحر البيان
ضلعتُ في الصدام
إشتجر الرفاق
شجر بينهم الخلاف
تشاجرتُ مع الظلال
تشابكتْ الأغصان
تساقطتْ الثمار الفجة
تدافعتْ أرهاطهم صوبي
قاومتُ
صدوني
غزوني
تهدمت حصوني
تسلقتُ الأشجار
سحلوني
لذتُ بجذوعها
غادروني
* * *
إشتجر الكلام
لم أعد أفهم غير الذي يشجر من الشجر !!!؟…
ظللت مشجوراً بين الأشجار
أرنو الى مطالع الشموس
أتدثر بالأمل
أتزمل بالتفاؤل
كففتُ عن الصدام
كفوا
إنصرفوا
كتبتُ الزهو شعراً
فجرته
إمتطيت صهوة الإقدام
ناوشتهم
حاصروني
إسترقوا السمع
داهموني فجراً
أسقطوا قلاعي
* * *
ظل في العراء
لا يجرؤ على ولوج المدينة
إتسعتْ الخرطوم
تمددتْ
صارتْ مدناً
إكتظتْ بقاطينها
تسلقتْ الكآبة وجوه السابلة
فقدتْ الروح طراوتها
توحدتْ معزولة
تساقطتْ أوراق شجر النيم
إستحالتْ هشيماً
شاختْ جذوع أشجار اللبخ
طأطأ خيار الناس هاماتهم !!؟…
* * *
إختل الميزان الصرفي
تزينتْ الألفاظ
طُرزتْ بالبديع
طغى السجع
تزملتْ اللغة بالجناس
إتخذتْ الطباق دثاراً
عجزتْ دلالاتها عن الإختباء خلف التورية !!؟….
فقدتْ الكناية سحرها
أصاب خطابها الرتابة
إنفضوا من حوله !؟…
* * *
دلف عبر مداخله المشرعة
كان السوق العربي بؤرة للإخفاء
يلوذ به المطاردون من أجهزة الأمن
يستجم بين أكنافه المطلوبون
يوفر لهم حصانة عرفية ؛؛؛؛
كموقف أصيل لإستعادة الإستجارة العربية !!!؟…
* * *
يفض مظاريف الظنون
يشك
يرتاب
يلتبس عليه الأمر
يفرغ الذاكرة من مخزونها
يمزق حجاب المخبوء
يطلق جسده
يحرر نفسه
يعتق روحه من سطوة النص
يهفو للرؤية
أين المنفذ ؟؟…
* * *
قرر فراقهم
كان أسيراً لنخوتهم
و مفتوناً بأريحيتهم و شهامتهم
لا تبرح شمائلهم مخيلته
جاءهم شريداً فأووه
لاذ بهم طريداً فحموه
إستجارهم فأجاروه
طعم (ملاحهم) و لقمتهم
إستروى بمائهم القراح
نام قرير العين على (عناقريبهم)
سامرهم فإضحكوه
ساررهم فكاشفوه ؛؛؛؛
* * *
أدرك هول الفاجعة قبل مبارحة مخبئه
إتساع الفجوة
غورها
ثمة فروق ساشعة لدلالات الوطن !!…
جبة و لقمة و أحلام صغيرة
لم يتردد طويلاً
إنسلخ
طوى تاريخه السياسي
طوح به بعيداً
مضى لا يلوي على شئ …..
* * *
كيف ينجو من براثن الطاغوت ؟؟…
لن يفلت من ضلالهم ؛؛؛؛
يستحيل الخروج عليهم تترصده أغلالهم
لتكبله !!!؟….
يظل مطلوباً من كلا الغريمين !!…
* * *
السارد المفتون بالترميز و اللغة الشفيفة !!؟….
يغرق في متاهات المجاز ؛؛؛
* * *
طرقتْ قدماي دروباً عصية
كنتٰ ممن أمضتهم أحزان الشماسة
عقب إجلائهم من قيعان المدينة
أحارني تقويض الطبقة الوسطى
و إتساع الفجوة بين الأعلى و الأدنى
ثمة خمس يسطو على بقية الأخماس
يستتر خلف ضبابية التعتيم
يخفي لبابه المتخثر وراء قشرة إعلامية مضللة
مزغللة
* * *
إنحسار ظلال أشجارهم اليابسة
عرى فسادهم
جعلهم أمثولة
موضع سخرية لمعظم الناس المكتويين بنارهم
لكنهم كالرماد سكنوا الوطن !!!؟….
* * *
خرجت من قبوي مخفوراً
مكمم الفم
معصوب العينين
أهفو لتسلق شجر الكلام
بينما حارساه
يعجمان قناته
فيباعدان بينه و بين ظلالها
لكنه لا يكف عن الإشتجار !!!!؟؟…

فيصل مصطفى.. روائي وقاص سوداني

من sanaanow